كتبت: سمر الورداني
“ليكن الخير طبعًا فيك، وليكن شيئًا تلقائيًا لا يحتاج إلى جهد، مثله مثل التنفس عندك” هكذا كان البابا شنودة رجلًا حكيمًا يقرض الشعر ويسرد الخواطر عن الخير والمحبة والسلام. قاد شعب الكنيسة عبر أزمات عدة وأغلق الباب أمام عشرات الفتن الطائفية بصبر وحكمة ورؤية ثاقبة لما يحاك للبلد من مكائد، قائلا في حب مصر: “جعلتك يا مصر في مهجتي.. وأهواك يا مصر عمق الهوى..إذا غبت عنك ولو فترة..أذوب حنينا أقاسي النوى”.
ولد البابا “نظير جيد روفائيل” في الثالث من أغسطس عام 1923 في قرية سلام بمحافظة أسيوط، التحق بجامعة فؤاد الأول قسم التاريخ، ودرس التاريخ الفرعوني والإسلامي والحديث وحصل على الليسانس عام 1947، ثم التحق بالكلية الإكليركية وبعدها عمل مدرسًا للتاريخ وكذلك محررا ورئيسًا للتحرير في مجلة “مدارس الأحد”.
عمل البابا شنودة الثالث خادمًا في مدارس الأحد وبجمعية النهضة الروحية التابعة لكنيسة العذراء مريم بمسرة، وطالبا بمدارس الأحد، ثم خادما بكنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا ، و رسم راهبا باسم “أنطونيوس السريا” في يوليو 1954.
عاش من عام 1956 إلى عام 1962 حياة الوحدة في مغارة تبعد حوالي 7 أميال عن مبنى الدير مكرسا فيها كل وقته للتأمل والصلاة، وبعدها بعام تمت سيامته قسًا وأمضى 10 سنوات في الدير دون أن يغادره، ثم عمل سكرتيرا خاصاً للبابا كيرلس السادس، ثم توج البابا شنودة خلفا للبابا كيرلس في 14 نوفمبرعام 1971 على كرسي البابوية بالكاتدرائية المرقسية الكبري.
واجه أزمات سياسية مع الرئيس الراحل أنور السادات، بعد أن سجل البابا شنودة رفضه لاتفاقية السلام مع إسرائيل، وأمتنع عن الذهاب مع السادات في زيارته إلى إسرائيل عام 1977، مما ولد حالة عدائية من السادات تجاه البابا، زادت مع تصالح النظام وقتها مع الاسلام السياسية ووقوع عدد من حوادث الفتنة الطائفية أنتهت بوضع البابا شنودة تحت الاقامة الجبرية في وادي النظرون حتى أمر الرئيس المخلوع حسنى مبارك بالأفراج عنه عام 1985.
توفي البابا في السابع عشر من مارس عام 2012، وأقيم قداس يوم الاحد ووضع جثمان البابا في كامل هيئته الكهنوتية، على كرسي القديس مارمرقس في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، لإلقاء نظرة الوداع عليه ، ثم نقل الجثمان يوم 20 مارس إلي دير الانبا بيشوي ليدفن هناك حسب وصيته.