تتكون كلمة بلطجى من قسمين (البلطة) وهى أداة لتقطيع الأشجار ، وكلمة (جى) وهى أداة نسب تركية.
ويرجع تاريخ نشأتهم إلى الدولة العثمانية؛ فالبلطجية كانوا يمثلون فرقة مشاه منظمة فى الجيش العثمانى تتقدم القوات الغازية لقطع الأشجار بالبلط وشق الطريق أمامه.
انتقل نظام البلطجية لمصر فى عهد محمد على باشا الذى أنشأ فى عام 1834 مدرسة المهندسخانة ببولاق وهى مدرسة خاصة بالمهندسين العسكريين ألحقها بمدرسة المدفعية بطره قبل أن تستقل بذاتها، واتخذ من قصر ابنه الأمير إسماعيل باشا ببولاق مقرا لها.
قام محمد على باشا بافتتاحها رسميا بنفسه، وقد أسسها على غرار مدرسة المهندسين العسكريين بباريس وكان الهدف من إنشاء هذه المدرسة تخريج ضباط للخدمة فى سلاح المدفعية وضباط مهندسى الأشغال العامة والمناجم، ومديرين لمصانع البارود وملح البارود، وضباط يعرفون علم هيئة الأرض ومساحتها لأعمال أركان الحرب، وأساتذة فى علوم الرياضيات والطبيعة.
تخرج من هذه المدرسة نوعين من الطلبة:
* اللغمجية : وهم من كانوا يقومون بزرع الألغام.
* البلطجية : وهم من يحملون البلط والفئوس حيث لم يكن للجيش فى بادئ الأمر قوات مستقلة من المهندسين، فكان لكل واحد من المشاة بضعة بلوكات من حاملى البلط والتى كان يطلق عليها أحيانًا أيضًا كلمة الطبرزين وهى كلمة فارسية بمعني البلطة أو الفأس.
وتنحصر دروسهم كما ورد فى مخطوط حربى اسمه “النخبة الجلية فى تعليم البلطجية” من تأليف الأستاذ أحمد افندى العلمى يرجع تاريخه إلى 1861 إلى ستة عشر درسا، كان الدرس الأول فيها : خاص تشغيل مهمات الحصار.
أما الدرس الثاني : فكان عن القطع البسيط وهو خاص بالخنادق يحفره المحاصرون ليمكنهم من التقرب من القلعة المحاصرة وهم مستورون من النيران والتراب الخارج من الحفر.
أما الدرس الثالث : فكان يختص بعمل الحفر السريع وذلك من خلال عمل سبتات وهي أبنية من الخشب ملتصقة ببعضها البعض لحماية الجنود من القنابل والرصاص،.
أما باقي دروس تعليم البلطجية فإنها كانت تتعلق أيضًا بكيفية حفر الخنادق وعمل المناورات الخاصة بالجيش والتغلب على عوائق التي تواجههم، وكذلك كيفية تشغيل الفرسان لمحاصرة قلعة، وقد قدم المخطوط أكثر من حوالي سبعين رسمًا مختلفًا لمهمات الحصار والهجوم على القلاع والحصون والعتاد الحربي.
وفى بدايات القرن التاسع عشر، ارتبطت البلطجة فى العامية المصرية، وفى أذهان المصريين بمدلول طيب فالبلطجية فى مصر وفى عهد محمد على لعبوا دوراً مهماً فى مشروع التحديث والتطوير، فعندما أنشأ محمد على أول مدرسة لتعليم البنات فى مصر، وكانت مخصصة لتعليمهن التمريض، كان مشهد الطالبات الذاهبات إلى المدرسة بالزى الأبيض الموحد، كاشفات عن وجوههن، جديداً على المصريين ومثيراً لانتباههم، وهو ماحرض على قيام العامة من الناس بمعاكستهن لدى مرورهن فى الشوارع، وهو ما أثار غضب محمد على، فأمر على الفور بتخصيص بلطجية من الجيش لحماية الطالبات من المعاكسات والمضايقات والفضول، وكان كل بلطجى يتقدم طالبة ساحباً الدابة التى تمتطيها إلى المدرسة، وأدى هذا الأمر إلى ضبط سلوك الشارع المصرى وهدوئه، وتشجيع الفتيات على الاستمرار فى التعليم، وتحفيز غيرهن على الالتحاق بالمدرسة، واستمرار أحد المنجزات المهمة والحيوية فى مشروع تحديث مصر
هؤلاء هم البلطجية…الذين تعرضوا لإهانة كبيرة طوال الثلاثين عاما الأخيرة على الرغم من التاريخ المشرف والدور التنويرى الذى لعبه البلطجية فى مصر..
وإذا عُرف السبب بطل العجب.