تقرير – محمد علي حسن
تشهد تونس حراكا دبلوماسيا بارزا خلال هذه الأيام وتحديدا منذ أن تسلم المهدي جمعة رئاسة الحكومة وذلك بخلاف ما كان سائدا خلال فترة حكم حركة النهضة،حيث غادر لتوه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف تونس بعد أن حل بها مباشرة بعد مغادرة نظيره الأمريكي جون كيري، فيما يزور البلاد رئيس جمهورية صربيا مونتيجرو الذي من المقرر أن يحل بعده مباشرة بمطار قرطاج الدولي رئيس وزراء إيطاليا الجديد.
ومن المقرر أن يؤدي قريبا رئيس الحكومة المهدي جمعة زيارة إلى واشنطن بدعوة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما أرسلها مع وزير خارجيته جون كيري أثناء زيارته الأخيرة للخضراء.
وكان جمعة قد استهل عهده بجولة مغاربية شملت الجزائر ثم المغرب نالت استحسان الرأي العام باعتبار أن العلاقات الجيدة مع الجيران هي ركيزة من ركائز الإستقرار لأي بلد مثل تونس يعيش تهديدات أمنية من عناصر تكفيرية تابعة لما يسمى “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”.
ويربط جل الخبراء والمحللين بين هذه الزيارات والوضع الإقتصادي الهش الذي تعيشه تونس بعد الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
فقد صرح رئيس الحكومة الجديدة لوسائل الإعلام الوطنية خلال حوار مطول بما مفاده أن البلاد قاب قوسين أو أدني من أزمة إقتصادية كارثية، وأنه ورث تركة ثقيلة عن أسلافه تقتضي تضافر جميع الجهود لتجاوزها، وأن تونس بحاجة إلى قرابة الثمانية مليار دولار على الأقل لتجاوز محنتها التي قد تستفحل إذا لم توجد حلول عاجلة، حتى أن الدولة ستمتنع عن انتداب موظفين على المدى القصير والمتوسط.
وبخلاف وزير الخارجية الأمريكية جون كيري الذي لم يتحدث إلا عن المساعدات الأمنية التي ستقدمها بلاده لتونس لدعم قدرات أجهزتها الأمنية في مكافحة الإرهاب، فإن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تحدث عن عزم بلاده الدفع باتجاه الزيادة في أعداد السياح الروس الوافدين إلى تونس وعلى تشجيع رجال الأعمال في بلاده على مزيد الإستثمار في الخضراء.
كما تحدث لافروف عن إمكانية التعاون في مجالات التعليم والبحث العلمي والثقافة والطاقة وأكد على أن بلاده تدعم تونس في مسارها الإنتقالي باعتبارها نموذجا لدول المنطقة في التغيير السلمي وفي التفاهمات التي حصلت بين مختلف الأطياف والفرقاء السياسيين مؤخرا دون إراقة دماء.
وينتظر أن يعلن رئيس الحكومة الإيطالية خلال زيارته عن تقديم بلاده لهبة مالية تساعد تونس على تجاوز مصاعب المرحلة الإنتقالية، وهي هبة يفرضها الواقع باعتبار إيطاليا أقرب بلدان القارة العجوز إلى تونس وعاصمتها هي أقرب عواصم العالم إلى العاصمة التونسية.
فسواحل الخضراء كانت باستمرار منطلقا للمهاجرين غير الشرعيين من مختلف بلدان القارة السمراء باتجاه إيطاليا وبالتالي فإن روما ستكون المتضرر الأكبر من أية أزمة قد تشهدها تونس وتدفع بأبنائها إلى الهجرة شمالا باتجاه أوروبا.
ويتساءل البعض عن الغاية من استقبال الرئيس الصربي في هذا الظرف إذ ليس لبلجراد بحسب هؤلاء ما تقدمه لتونس وهي التي تعاني بدورها من الأزمات فالصرب في أنظار التونسيين هم ذلك الشعب العنصري الحاقد على الإسلام والمسلمين والذي ارتكب مجازر يندى لها الجبين بحق مسلمي البوسنة وكوسوفو، حتى أن البعض علق على هذه الزيارة تهكما بالتساؤل لم لا تتم دعوة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو والمسؤولون عن سياسة التمييز العنصري سابقا في جنوب إفريقيا.