على مدار عقود اتبعت الحكومات المتتابعة سياسات تحرر اقتصادي دون توفير شبكة حماية اجتماعية، ما أدى إلى تضرر معظم طبقات المجتمع، حتى أصبح وصف المهمشين يليق بالفقراء والطبقة المتوسطة والشباب والنساء والمتعلمين والأميين على السواء، وارتبطت جهود الحماية الاجتماعية بإبقاء المواطنين عند حد الكفاف وليس تمكينهم من تطور أنفسهم.
ولكن بالأمس أطلقت الحكومة الاستراتيجية القومية للخدمات المالية غير المصرفية 2018/ 2022، والغرض الرئيسي من الاستراتيجية هو دعم الشمول المالي، وهذا يمكن تحقيقه من خلال تسهيل فرص التمويل للشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وتمكين المرأة والشباب.
وتركز الاستراتيجية على توفير التمويل للفئات والقطاعات غير القادرة على النفاذ إلى الأشكال الأخرى من التمويل، بما يساهم في تعزيز قدرة الفئات الفقيرة على تحسين جوانب حياتها، مثل الحصول على التعليم والرعاية الصحية وتطوير رأس المال البشري بصفة عامة.
ووضعت الاستراتيجية العديد من الأهداف المحددة، المستهدف تحقيقها حتى نهاية 2022، ومنها مضاعفة أعداد المستفيدين من التمويل متناهي الصغر لتصل إلى 4 ملايين مستفيد مقارنة بحوالي مليوني مستفيد حاليا، وكذلك زيادة حجم التمويل متناهي الصغر الذي تمنحه الجهات الخاضعة لهيئة الرقابة المالية من 6 مليارات جنيه حاليا إلى 15 مليار جنيه، عبر زيادة عدد مؤسسات التمويل متناهي الصغر إلى 1000 مؤسسة.
كما تستهدف الاستراتيجية زيادة محفظة التمويل العقاري من حوالي 8 مليارات جنيه حاليا إلى 20 مليار جنيه بحلول عام 2022، وزيادة محفظة التأجير التمويلي إلى 50 مليار جنيه بحلول 2022 مقارنة بأقل من 24 مليار جنيه حاليا.
وسيساهم إنشاء وتشغيل السجل الإلكتروني للضمانات المنقولة في دعم نشاط التأجير التمويلي وغيره من الأنشطة المالية غير المصرفية، خاصة للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
كانت سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، قد أطلقت السجل المصري الإلكتروني للضمانات المنقولة الشهر الماضي.
ويبلغ حجم القطاع المالي في مصر حوالي 4 تريليونات جنيه، يمثل القطاع المالي غير المصرفي نسبة 22% منها، أي حوالي 884 مليار جنيه، في حين يستحوذ القطاع المصرفي على نسبة 73%، والنسبة الباقية 5%، تمثل إجمالي أصول الهيئة القومية للبريد.
وتوضح الدراسات العالمية أن اقتصاد أي دولة يحتاج إلى هيكل مالي متوازن، ما بين القطاع المصرفي والقطاع غير المصرفي، لتحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة واحتوائية، تشمل المرأة والشباب والفئات المُهمشة، ما يعني أن مصر تحتاج أن يلعب قطاع الخدمات المالية غير المصرفية دوراً أكبر في الاقتصاد.
وإذا تم تنفيذ أهداف الاستراتيجية فهذا يعني توسيع قاعدة المستفيدين من الاقتصاد وعدد الفاعلين به ليضم الطبقات المتوسطة والأفقر والأشد فقرًا، بالطبع بمعدلات مشاركة بعيدة عن معدلات مشاركة طبقة الـ10% الأغنى، ولكن المهم أن يتم منح الفرص للجميع للترقي الاقتصادي والاجتماعي، حتى لو كانت فرص ضئيلة.