ما هي أغلى مباراة في العالم ؟ إذا كنت من المهتمين بكرة القدم في الأغلب سينحصر ردك بين نهائي أبطال أوروبا ونهائي كأس العالم ونهائي كأس القارات للأندية، وإذا أخبرناك أن المباراة الأغلى ستُقام يوم السبت القادم، ستكون إجابتك “اليقينية” هي نهائي أبطال أوروبا، ولكن للأسف الإجابتان خاطئتان.
أغلى مباراة هذا الموسم وكل موسم ستكون المواجهة الفاصلة لحسم آخر فريق يتأهل للدوري الإنجليزي الممتاز، والتي ستضمن عوائد بقيمة 215.4 مليون دولار للفائز، وهي أعلى من عوائد الفوز بدوري أبطال أوروبا أو الفوز بكأس العالم.
الفائز بين أستون فيلا وفولهام في المواجهة الفاصلة على إستاد ويمبلي، وفقًا لوحدة الاقتصاد الرياضي بشركة ديلويت للمحاسبة، سيستفيد من أرباح البث التلفزيوني الضخمة ومدفوعات أخرى حتى إذا احتل المركز الأخير بدوري الأضواء في الموسم المقبل.
وهذا يرجع لأن الانجليز استطاعوا بيع حقوق البث التلفزيوني في عام 2015 بقيمة 6.8 مليار دولار، على 3 سنوات، مقابل ما يقل عن مليار دولار للدوري الإسباني، ما خلق فجوة كبيرة بين إيرادات الدوري الانجليزي وباقي الدوريات الأوروبية، على الرغم من ضعف مستوى الفرق الإنجليزية أمام باقي الفرق الأوروبية خاصة الإسبانية، والطريف أن متذيل الدوري الإنجليزي سيجني عائدات بث تفوق ما يحصل عليه ريال مدريد أو برشلونة في إسبانيا.
وباستثناء مسيرة نادي ليفربول “المحظوظ” هذا العام، فإن أخر نادي إنجليزي صعد للمباراة النهائية كان منذ 6 سنوات، وقد اعتدنا ألا نرى أي نادي إنجليزي ضمن الـ8 الكبار أوروبيًا، على الرغم من وجود 6 أندية انجليزية ضمن أغنى 10 أندية في العالم، حتى أن نادي أرسنال يحتل المركز السادس في الدوري الإنجليزي والمركز السادس أيضًا في قائمة أغنى الأندية في العالم، القائمة التي يتصدرها نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي متفوقًا على ريال مدريد الإسباني، النادي الأكثر تتويجًا في العالم.
السبب في هذا التفوق المالي الانجليزي، غير المرتبط بقيمة ومردود الأندية الانجليزية في الملعب يرجع للاهتمام الكبير بالتسويق. والتسويق هو فن خلق قيمة جديدة للسلعة تجعل المستهلك يحصل على قيمة أكبر من عملية الشراء.
اهتم منظمو الدوري الإنجليزي بالتوازن بين مشاهدي التلفزيون وحضور المدرجات، لإدراكهم أهمية امتلاء المدرجات بالمشجعين بالتزامن مع نسب المشاهدة التلفزيونية المرتفعة، وذلك بتطبيق سياسة لخفض أسعار التذاكر، ورغم عقد البث القياسي، يتمسك الدوري الإنجليزي بعدم بث جميع المباريات من أجل تشجيع الجماهير على الحضور للملاعب، بالتزامن مع تحسين جودة نقل المباريات المذاعة باستخدام أحدث التقنيات التكنولوجية.
ويتمسك الدوري الإنجليزي ببث مبارياته في وقت الظهيرة تلبية لرغبات متابعيه في جميع أنحاء العالم، خاصة في آسيا، حيث نصف سكان الكرة الأرضية، فضلا عن إفساح المجال لمتابعة مباريات الهواة والدرجات الأدنى التي تقام ليلا. هذا بالإضافة لاستقدام أكثر الوجوه التدريبية جاذبية حول العالم، والاهتمام بلعبة الفانتازي، التي تجعل المشاهدين مرتبطين، وربما منتمين للدوري الانجليزي.
كما يسوق الدوري الانجليزي نفسه كأكثر الدوريات عدالة، عن طريق تقليل فجوة إيرادات البث بين متصدر الدوري ومتذيله، ما يشعل المنافسة بين الفرق. وهكذا نجح الانجليز، عن طريق التسويق الجيد، في خلق رواج لمنتج أقل قيمة باعتراف المستهلكين أنفسهم، فيما يخص كرة القدم، ولكنهم نجحوا في خلق قيمة مضافة جذبت المشاهدين من كل أنحاء العالم.