يشتهر رواد الأعمال باعتمادهم الكبير على التكنولوجيا، وضحالة انخراطهم في مجتمعاتهم، وكثيرًا ما تعتمد ابتكاراتهم على تجارب شخصية بحتة، ويظهر هذا جليًا في خطبهم التحفيزية التي يلقونها في تجمعات المهتمين بريادة الأعمال.
لذا قام كلاوس شواب، رئيس ومؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي، بإطلاق جائزة رواد الأعمال الاجتماعيين، لتكريم رواد الأعمال الذين جمعوا بشكل براجماتي بين تعظيم الأرباح والإيرادات، وتقديم خدمات جليلة للمجتمع.
وقد فاز بجوائز هذا العام مبتكرو تطبيقات تخدم تعليم الفتيات، وتواجه العنف الجنسي، وتغيث المتضررين من الكوارث، وتدمج اللاجئين في مجتمعاتهم الجديدة، وتعيد تأهيل المسجونين السابقين، وهي كلها مجالات تقع في المساحة بين فشل الحكومة ونفور القطاع الخاص، ولكن هؤلاء الرواد استطاعوا الاستفادة المادية من خدمة المجتمع.
وفي مصر أعلنت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي إطلاق مسابقة للشركات الرائدة في مجال المسئولية المجتمعية، سواء البيئية أو الرعاية الصحية والاجتماعية والثقافية أو التعليم أو مجالات التدريب والبحث العلمي، تنفيذًا لنصوص قانون الاستثمار الجديد.
وينص القانون على إمكانية تخصيص نسبة لا تتجاوز 10% من أرباح المؤسسة السنوية لاستخدامها في إنشاء نظام للتنمية المجتمعية خارج المشروع الاستثماري، وتستخدم الشركات الكبرى هذه النسبة في الأغلب في تدريب الشباب وخدمة المجتمعات المحيطة بالمصانع والشركات.
الأمر الجيد هو تصنيف الشركات المتقدمة للمسابقة وفقا لحجم رأس المال، حتى لا تتنافس الشركات الكبرى مع الصغيرة.
ولكن المختلف ما بين جائزة شواب والحالة المصرية هو أن المسئولية المجتمعية أساس النشاط عالميًا، ودور رائد الأعمال هو ابتكار منظومة تدر الربح من خدمة المجتمع، أما في مصر فهي دعوة لإضافة نشاط منفصل عن نشاط الشركة لخدمة المجتمع.
بالطبع توجد حالات لرواد أعمال مصريين يقوم نشاطهم الأساسي على خدمة المجتمع، مثل تطبيقات توفير العلاج النفسي في المناطق النائية، وتطبيقات دمج اللاجئين عبر تدريبهم وتشغيلهم وتسويق منتجاتهم، ولكنهم يظهرون كأقلية في فاعليات ريادة الأعمال في مصر، لذا فإن تقديم جائزة مصرية للمسئولية الاجتماعية لرواد الأعمال خطوة على الطريق الصحيح، ولكن المجتمع والاقتصاد في حاجة للمزيد من الحوافز والابتكارات.