رغم ضخامة السوق المصرية واتصالها بعشرات الأسواق التي تضم مئات الملايين من المستهلكين إلا أن ثقافة التصدير لم تكن هي المسيطرة خلال السنوات الماضية، وكان الاستهلاك وما يزال يستحوذ على جزء كبير من تفكير وسلوك المواطنين والمصنعين.
وعقب تعويم العملة المحلية في الثالث من نوفمبر قبل الماضي التفت العالم إلى السوق المصرية بعد دخول السلع والثمار المنتجة محليًا على خط المنافسة العالمية بسبب انخفاض الأسعار بشكل كبير بعد تهاوى الجنيه أمام الدولار بأكثر من 60% نزولا، إلا أن الأخطاء أظهرت السوق المصرية وكأنها تحبو في سنة أولى تصدير.
وخلال العام والنصف الماضيين ظهرت الكثير من الأخطاء التي وقع فيها المصدرون والقائمون على الأمر في مصر نظرًا لعدم خبرتهم الكبيرة في هذا السوق، وهو ما دفع بعض الدول لوقف الاستيراد لفترات من مصر، خاصة في مجال المحاصيل الزراعية نظرًا لعدم التزام المصدرين بضوابط نسب المبيدات على سبيل المثال، وهو ما يعني أن العالم الخارجي ليس مجالا مفتوحًا لأي نوعيات من السلع طالما انخفض سعرها، بل إن الجودة تأتي في مرتبة متقدمة عن السعر المنخفض.
وجاءت القرارات من دول صديقة وشقيقة حيث حظرت السعودية والبحرين والإمارات والكويت بعض أنواع الثمار المصرية في ظل ارتفاع نسبة المبيدات عن المقادير المحددة عالميًا، ثم أفرجت عنها عقب اتخاذ وزارة الصناعة والزراعة قرارات من شأنها ضمان جودة الثمار المصدرة لهذه الدول.
وهذا ليس عيبًا، فدولة بحجم مصر اقتصاد ضخم يتجاوزه حجمه التريليوني جنيه يتجه نحو النمو والانفتاح على العالم الخارجي يجب أن يقع في أخطاء ويقوم بمعالجتها حتى يتبوء مع مرور الوقت مكانته التي يستحقها، لكن هذا الأمر يتطلب معالجات دائمة ورقابة دقيقة من القائمين على الأمر في مصر.
وبعد مرور أول عام على التعويم كانت الصادرات المصرية نمت بنسبة لا تتجاز 15% لتصل لنحو 22 مليار دولار ورغم أن هذه الأرقام ليست بالقدر المأمول إلا أنه من المنتظر بعد القرارات المتتالية التي تتخذها الحكومة لتشجيع التصدير وزيادة كفاءة المنتج المحلي ومحاولة إحلال الصناعات المحلية بديلا للمستورد، سيتحسن قطاع التصدير ليحتل مكانة أفضل.