أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن تصويب الفهم الدينى دون المساس بالثوابت هو قضية حياة أو موت لهذا الشعب وهذه الأمة، قائلا: “النظر بجدية إلى أفكارنا وما نردده، وما ننقله وننشره وما نربى عليه أبنائنا أن نعلم الناس الدين الصحيح البسيط السهل الذى يراعى حياة الناس وظروفهم”.
وشدد الرئيس السيسى – خلال كلمته فى احتفالية ليلة القدر التى نظمتها وزارة الاوقاف – على ضرورة تأسيس خطاب يبنى مجتمع متماسك يسوده العدل والرحمة ويربى أجيالا واعية وقوية ومخلصة لوطنها وتعيد لمصر مجد ماضيها وتحافظ عليه فى المستقبل، مشيرا إلى ضرورة تجديد الخطاب الدينى.
وقال الرئيس السيسى “علينا مراجعة أنفسنا فى ما نحن فيه الآن بين كل الأمم” مضيفاً ” خرجت من بيننا جماعات وأفراد أساؤا فهم الدين، وفى أحيان أخرى كثيرة تعمدوا إساءة فهمم الدين واستغلاله لتحقيق أهداف سياسية “.
وأشاد الرئيس السيسى بدور الأزهر فى محاربة التطرف وتجديد الخطاب الدينى، قائلا “سيظل الازهر مؤسساتنا العملاقة التى نفتخر بها ونؤكد ان هذه المسئولية تقع على عاتق المجتمع بأثره الذى يتعين عليه ان يقف وقفه صادقة مع ذاته ويقرر فيها أن الأوان قد آن للنظر الى المستقبل وبناءه بدلا من التعلق بالماضى”.
وقال السيسى “أن الأوان قد آن حتى يقرر المجتمع نبذ التطرف والانغلاق والانفتاح على العالم فى ثقة وحب وتسامح ورحمة، مضيفا “انا على ثقة مطلقة فى قدرات جميع المؤسسات الدينية ورجال الدين، وثقة فى المجتمع وقواه الحية والناعمة من المفكرين والمثقفين”.
وفيما يلى نص كلمة الرئيس السيسى :
اتوجه إليكم والمسلمين في انحاء العالم بالتحية والتقدير والتهاني ، اتحدث اليكم اليوم احتفالا بليلة القدر ذات المكانة الخاصة لدى مسلمي العالم ، الليلة التي انزل الله فيها القرأن الكريم يهدي به إلى الخير والسلام والبناء وينهي عن الشر والفرقة والاذى .ليلة وصفها جلى وعلى بأنها كألف شهر ” وسلام هي حتى مطلع الفجر” .
واليوم إذ نحتفل بهذه الليله نتوجه إلى الله بالرجاء أن يجعلها على الدوام سلام علينا وعلى أمتنا وعلى عالمنا بأسرة …
السيدات والسادة ، مضى شهر رمضان الكريم علينا سريعا ، جاء في موعده ككل عام ليحتفل به المصريون كعادتهم على طريقتهم الفريدة التي تجمع بين الدين والدنيا في مزيج متفرد بحجم تفرد شخصية هذا الشعب العظيم الكريم الذي عرف كيف يتصالح مع الزمن وصادقه فاستحق أن توصف بلاده بانها أم الدنيا ويكون هو المعلم للانسانية .
وقال الرئيس السيسي في كلمته خلال الاحتفال بليلة القدر ، ولكن هل تشبه الليلة البارحة ام انه قد جرى تحت الجسور مياه كثيرة ، وإذا نظرنا إلى احوالانا وتسألنا بصدق وصراحة ،، هل نحن راضون عن ما آلات إليه أحوالنا كمصريين ،، وعرب ومسلمين ، هل نحن في المكان الذي نريده لانفسنا ولابنائنا وسط دول العالم وحضراته ، هل نشارك بقوة وفاعلية وثقة في صنع وقيادة الحضارة الانسانية الحالية ، هل نحن في موقع الصدارة في تحقيق الاكتشافات العلمية والتكنولوجية ، هل نصدر إلى العالم التسامح والتنوع والتعايش المشترك ، وأخيرا هل انتهى الفقر والمرض والجهل من بيننا وأصبحنا آمنين مطمأنين على مستقبل اولادنا وبناتنا .
قال الرئيس السيسي ، اسمحوا لي أن اقدم محاولة متواضعة للتفاعل على ما سبق من اسئلة من خلال مناقشة العلاقة بين ثلاثة مفاهيم وهي الفهم الديني والإرهاب والتنمية على أن يطرح نقاش مجتمعي يركز على الصورة الكبيرة الشاملة بدلا من الإجتزاء والاختزال والتحليلات غير الموضوعية .. فأولا لا اخفى عليكم انه قد خرجت من بيننا جماعات وأفراد اسأوا فهم الدين وفي احيان أخرى تعمدوا اساءة فهم الدين واستغلاله لتحقيق اهداف سياسية وذهبوا على مداء عقود من الزمان على التأويل المتعسف للنصوص الدينية ليخرجوا منها ما يجعل الدنيا سوادا ويملا القلوب كراهية ويغرس فالعقول اقصى معاني التطرف والإنغلاق .
أن هذه الاساءة المتعمدة لفهم الدين وهذا الخطاب المتشدد الاقصائي لن يساهم فقط في توفير البيئة الخصبة لانتشار الإرهاب والعنف والتطرف ولكن قام كذلك بتسميم مجمل نواحي الحياة بعيدا عن المبدأ التي ارستها الديانات المختلفة والتي تضمنتها الكتب السماوية .
لذلك اكرر أن تصويب الفهم الديني وتجديد مجمل الخطاب الديني دون المساس بالثوابت،هو قضية حياة أو موت لهذا الشعب وهذه الأمة وأن ننظر بجدية إلى افكارنا وما نردده وما ننقله وننشره وما نربي عليه ابناءنا وان نعلم الناس الدين الصحيح البسيط السهل الذي يراعي حياة الناس وظروفهم وان نؤسس خطابا دينيا حديثا يبني مجتمعا متماسكا يسوده التسامح والعدل والرحمة خطابا يربي اجيالا قوية واعية مخلصة لوطنها وشعبها ويعيد لمصر مجد ماضيها وتحافظ عليه إلى ما شاء الله .
وانني اذ اثمن غاليا واشيد بدور الأزهر الشريف مؤسستنا العملاقة التي نفتخر بها التي كانت على مدار اكثر من الف عام ومازالت وستظل اهلا للافتخار والثقة.
“فإنني أؤكد أن هذه المسؤولية تقع على عاتق المجتمع بأثره الذى يتعين عليه أن يقف وقفة صادقة مع ذاته يقرر فيها أنه قد آن الآوان للنظر إلى المستقبل وبنائه بدلا من التعلق بأهداب الماضي .. يقرر فيها أنه قد آن الآن آوان نبذ التطرف والإقصاء والانغلاق والتشدد والانفتاح على الدنيا بثقة وحب وتسامح ورحمة”.
“وإنني لعلى ثقة مطلقة في قدرتنا جميعا ، المؤسسات الدينية ورجال الدين والفقه والمجتمع وقواه الحية وقوته الناعمة والمفكرون والمثقفون والعلماء والفنانون ، في أن نقدم للعالم نورا يشع من مصر ونموذجا للخطاب الديني المتطور نحقق به الحسنيين إرضاء لله سبحانه وتعالي وتعمير الأرض وإسعاد البشر”.
“نحن من أكثر الأمم نظافة وعلما..يا ترى هل نحن قراء..وأن تعليمنا هو أفضل تعليم..والنشأة في المدارس أفضل نشأة..وأولادنا أفضل ناس في الدنيا..ونحن أفضل خلق في الدنيا..وهذا الكلام لنا جميعا كأمة”.
“وأقول لكم ودائما كلنا سنتحاسب أمام الله على ما نقوم بعمله وعلى ما نقدمه وما نفكر فيه وعلينا عدم التفكير في المصالح الشخصية وأن نقف إلى جانب الصالح العلم ، ومصلحة الناس هي الأهم ولو كانت على حساب مصلحتي الشخصية”.
وتابع الرئيس السيسي قائلا “السيدات والسادة .. يقودنا الحديث عن تجديد الخطاب الديني إلى ثاني ما يعيقنا عن تحقيق أهدافنا وتبوء ما نتمناه من مكانة، وهو الإرهاب، بكل ما يتسبب فيه من إزهاق للأرواح البريئة وألم في الصدور وشعور بالقلق وعدم الأمان، وإهدار للفرص الاقتصادية وتعطيل للتنمية وتأثير سلبي على مجمل أوضاعنا السياسية والاجتماعية”.
“والإرهاب كما قلت من قبل في الشهر الماضي يتطلب 4 عناصر لمواجهته والقضاء عليه منها تجديد الخطاب الديني، والتعامل مع جميع التنظيمات الإرهابية بمعيار واحد ، وإعادة بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها لاستعادة الاستقرار بالمنطقة، وأخيرا منع تمويل الجماعات الإرهابية وإيقاف مدها بالسلاح والمقاتلين ” .
“اسمحوا لي أن أتحدث إليكم بصراحة، فبينما نبذل نحن حكومة وشعبا أقصى الجهد في مكافحة الإرهاب والتصدي له عسكريا وأمنيا وفكريا وسياسيا، ونبذل كذلك أقصى الجهد في دعم التسويات السياسية السلمية للأزمات القائمة في المنطقة بما يعيد لدولها الاستقرار والأمن ويقضي على الفراغ الذي يستغله الإرهاب ليتمدد وينمو، بينما نفعل كل ذلك نجد أشقاء لنا وغير أشقاء يقومون بدعم الإرهاب وتمويله ورعايته، ونجدهم يوفرون لجماعات الإرهاب وفكر الإرهاب المنابر الإعلامية والثقافية، ينفقون عليها مليارات الدولارات سنويا، ليستميلوا أفئدة الشعوب العربية والإسلامية لهذا الفكر الإجرامي المدمر، يستغلون التكنولوجيا الحديثة وما أنتجته الحضارة الإنسانية لضرب هذه الحضارة وهدم ما حققته الشعوب من مكتسبات وما تنعم به من أمان، وكل ذلك لماذا ؟ ابتغاء أوهام الهيمنة والسيطرة والعظمة الزائفة، هل أصبحت مقدرات الشعوب لعبة سياسية، هل تهون أرواح الشباب والرجال والنساء والأطفال من أجل أحلام الزعامة والمجد الكاذبة، هل تستحق هذه الأوهام إزهاق روح إنسانية واحدة، إنني وبكل الوضوح والصراحة أقول لكم وللعالم إنه يجب أن يتم وضع حد لهذا الأمر”.
حضر الاحتفال رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ومفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام ورئيس مجلس النواب الدكتورعلي عبد العال ووزير الأوقاف رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الدكتور محمد مختار جمعة والوزراء وبعض المحافظين وسفراء الدول الإسلامية والعربية.
وبدأ الاحتفال بتلاوة آيات من الذكر الحكيم بصوت القارئ الشيخ محمد الخشت ، وعقب ذلك ألقى كل من وزير الأوقاف الشيخ محمد مختار جمعة والامام الاكبر د. احمد طيب شيخ الازهر كلمة عن جهود الوزارة والازهر فى نشر الاعتدال و مواجهة التطرف و الارهاب .