عنوسة وطلاق وانحراف ودعارة واعمال منافية للاداب ومجتمع يثور وأسرة ترفض وتدين وعقاب مستمر وظروف أجتماعية وأقتصادية تسوء , وهياج أخلاقي , وسجون تمتلئ بالسجينات , ونساء يدرن بيوتا مشبوه وأخريات يقعن جراء حملات الأداب التي تقوم بها الشرطة , كل هذه الوقائع والظروف أجتمعت سويا لتصل الي مجتمع تنحرف فيه النساء أنتقاما منه ورفضا للبقاء فيه أو رغبة في تحقيق نفسها بجسدها , لتطلعنا الأحداث اليومية عن وقائع منافية للأداب وللأخلاق وللدين وللشرع وللعادات والتقاليد , فما كان منا إلا أن نقف حول العنوسة والطلاق ومدي تأثيرها علي المجتمع بصفة عامة والمرأة بصفة خاصة , فيما محاولة لإصلاح مفاهيم خاطئة طالما أعتبرت موروثات رددها الأباء والأجداد.
فتقول ناهد شوقي الخبيرة النفسية ان المرأة المطلقة مدانة في كل الأحوال، في مجتمعاتنا الشرقي وان نظرتة لها نظرة سلبية للغاية وحتى وان كان الزوج سئ والانفصال شئ حتمي , فتحملها الاسرة اعباء اضافية بأن كان ينبغي عليها ان تصبر وتتحمل مثلها مثل والديها حتى وان تعرضت للعنف من جانب الزوج مؤكدين ان كل الاسر تتعرض لذلك.
واشارت ناهد الي ان الانحراف الذي يأتي بعد الإنفصال نتيجة ان المرأة تشعر ان كرامتها اهدرت بأن زوجها رفضها وصارت مطلقة مرفوظه , فتتجه الي اتباع سلوك انحرافي للتأكيد علي انها مقبوله وان الرجل في احتياج اليها , وقد يتحقق ذلك لديها بمجرد سماع بعض الكلمات من الرجال , او قد تلجأ الي العلاقات المحرمة بهدف تحقيق نفسها كإمراة .
وقالت ناهد ان الفتاة العانس تعاني من رفض جسدي ونفسي لجسدها , فقد تتجه الي الانحراف او تسعي لاشباع الغرائز ولو بصورة غير مادية , فتسعي للإشباع الروحاني كاانثي وذلك بالحديث للاخرين وتكوين صداقات وعلاقات وقد لا يستدعيها الامر ان تصل الي الانحراف, بجانب الوازع الديني او العادات والتقاليد .
واعتبرت شوقي ان مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر والواتساب اصبح وسيلة الهروب لما تتعرض له الفتيات سواء بسبب العنوسة او الطلاق , فتعتبرهم تنفيس عن ما بداخلها وعن احتياجاتها وغرائزها .
واشارت الي ان هروب الفتيات والزواج العرفي ونظرة الرجل للمرأة بإعتبارها جسد وليست انسان له احتياجات ومتطلبات وعليه ايضا حقوق جعل من ان بعض النساء يلجئن الي الاعمال المنافية للاداب كنوع من اثبات الذات والوجود.
ودعت شوقي الي ضرورة اللجوء الي البرامج الموجهه مع الشباب بإتباع العلاج الوقائي ثم الاسلوب العلاجي وهي ان تضع اهدافا محددة عليك الوصول اليها بغض النظر عن المجتمع او الاحباطات التي يصدرها لك الاخرون في محاولة تغيير الكثير من العادات والمفاهيم المغلوطة حول المرأة العانس او المطلقة , بالاضافة الي التراجع عن المغالاة في المهور في محاولة تيسير الزواج للفتيات وللرجال منعا لحدوث تشوهات مجتمعية ينتج عنها انحرافات يعاني منها المجتمع .
ومن جانبه ، قال الدكتور احمد عبدالله استاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق ان كل ما يحدث داخل مصر لا يستثني منه احد , فالجميع متورط وتقع عليه المسئولية , وان السلوك الانحرافي الذي تقوم به بعض النساء نتيجة الطلاق او العنوسة ماهو الا رد فعل علي ظروف اجتماعية فرضت علي المرأة اجبرتها علي القيام بهذا السلوك المنحرف .
واشار عبد الله ان المجتمع يدين العانس وكأنها هي المسئولة عن هذا اللقب او كأنها خلقت فقط من اجل الزواج لتعيش في “ظل راجل ولا ضل حيطه” , كما ان المجتمع يحاصر المرأة المطلقة وكأنها اجرمت بحق نفسها وبحق اهلها , ويعتبرها فاقدة الاهلية وعلي الجميع ان يتولي الرقابة عليها , فتصبح محط انظار الجميع ومصدر للشك والريبة في كل تصرفاتها.
واوضح عبد الله انه في غضون دقائق وما ان ينتقل مسمي المرأة من متزوجة الي مطلقة او تتحول الفتاة من كونها في سن الزواج الي امرأة تركها القطار فصارت عانس ينقض المجتمع ويجهز ادواتة للحساب والعقاب , بل حتي السيدات انفسهن ينظرن الي المطلقة بأنها معيوبه ويجب الحذر منها حتي لا تخطف زوجها او تتسبب في خراب منزلها .
وفي سياق متصل ، قال دكتور شريف درويش اخصائي الامراض النفسية والعصبيه بمستشفي المعموره ان المجتمع لايرحم والمورثات لاتترك المرأة في حالها , فتظل العادات والتقاليد تنقب خلف المرأة لتلحقها بعار عدم الزواج او الطلاق وكأن الجميع في انتظار عقابها , فتنتفض المرأة لتحقق ذاتها , فإما ان ترفض السلطة المجتمعية المفروضة عليها بإما الصمت الذي يخلف وراءه مرض نفسي او تترك الجميع وتسلك طريق الانحراف رغبة منها في الإنتقام من المجتمع الذي اعتبره سببا رئيسا فيما حدث لها.
واشار الي ان المرأة في بعض الاحيان تضطر للعيش مع زوجها عن قهر بإعتباره العائل الوحيد لها فهي لا تعمل ولا تملك منزلا او قد يكون لديها ابناء فتضطر لاستمرار حياتها من اجل ابنائها , مما قد يدفعها للخيانة او تترك كل ذلك وتذهب للبحث عن مصدر دخل وهي لا تملك اي شئ سوي جسدها فتبيعه لمن يدفع سواء ذلك برغبتها او دون ذلك , وبالتالي فحولها المجتمع لإمرأة منحرفة اضرت بنفسها وبمجتمعها.
وفي النهاية فإن المرأة وان اخطأت في حق نفسها وحق المجتمع , فإن افراد المجتمع شركاء في جريمتهم وعلي الجميع ان يحاسبوا انفسهم , فلن ينصلح حال المجتمع بدون افراده.