للمرة الخامسة، خسرت المغرب سباق استضافة كأس العالم، وحصلت قارة أمريكا الشمالية، مُمثلة في كندا والمكسيك والولايات المتحدة، على حق التنظيم المشترك لكأس العالم 2026.
اختار ثلثا الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، في موسكو الملف الأمريكي المشترك، وصوّت الثلث الباقي للمغرب. ثلاثة دول ستتقاسم، لأول مرة، مسؤولية الاستضافة، حيث تقام 60 مباراة في الولايات المتحدة، وعشر مباريات في كل من كندا والمكسيك.
بطولة 2026 ستكون شديدة الأهمية، فهي البطولة الموسعة الأولى، التي ستضم 48 فريقًا، بدلا من 32 فريقًا في الشكل الحالي للبطولة.
ورغم أن “الفيفا” كان يهتم في العقود الماضية بمبدأ تداول تنظيم كأس العالم بين القارات والدول المختلفة، ما سمح لأول مرة لدول من آسيا (كوريا واليابان)، ومن إفريقيا (جنوب أفريقيا)، بالتنظيم، لكن الأمر اختلف في السنوات الماضية، وأصبح أساس الاختيار هو “العائد المادي” من تنظيم دولة ما للبطولة الكروية الأهم، وهذا ما سيجعلنا نشاهد ثالث بطولة كأس عالم في المكسيك، بعد تنظيمها لبطولتي 1970 و1986، وثاني بطولة في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد تنظيمها لبطولة 1994، مقابل بطولة واحدة نظمتها قارة إفريقيا بالكامل.
وتعهد المسؤولون عن العرض المشترك بأن تدر كأس العالم في أمريكا الشمالية أرباحا تتجاوز 14 مليار دولار، بما في ذلك خمسة مليارات دولار في صورة نشاط اقتصادي قصير المدى، وما يزيد على مليار دولار إيرادات للمدن والدول المرشحة لاستضافة المباريات، ومليارا دولار ثمن بيع ما يزيد على 5.8 مليون تذكرة، بينما تعهدت المغرب بنصف هذه الإيرادات تقريبًا، الأمر الذي أضعف فرصها.
هذا الأمر لم يكن بنفس الأهمية في العقود الماضية وإلا ما رأينا دولا نامية مثل الأرجنتين وجنوب إفريقيا والأورجواي وتشيلي تحظى بشرف تنظيم كأس العالم، ولكن “الفيفا” كان ينظر لكأس العالم كفرصة لتطوير البنية التحتية الرياضية لهذه الدول.
هذه الطريقة القديمة انتهت، خاصة بعد تهديد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في تغريدة على موقع “تويتر”، أبريل الماضي، حين قال: “الولايات المتحدة قدمت ملفا قويا بالاشتراك مع كندا والمكسيك لطلب استضافة مونديال 2026. سيكون من المخزي أن تتكتل الدول، التي نساندها دائما، ضد الملف الأمريكي. لماذا يتعين علينا دعم هذه الدول طالما أنها لا تدعمنا؟”.
ومن المرجح أن عددا من أعضاء كونجرس “الفيفا” رضخوا لهذه التهديدات، بعد التشاور مع حكومات بلدانهم. وتمثل العائدات المالية الضخمة حافزا كبيرا للفيفا، الذي لا يزال يعاني من الناحية المالية عقب قضايا الفساد التي ضربته في السنوات الماضية، ويعتمد “الفيفا” على كأس العالم فقط كمصدر رئيسي للدخل.
وأكد راينهارد جريندل، رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم، هذه النظرية، حين صرح بأن السبب الرئيسي لقوة الملف الثلاثي، هو الاهتمام بشكل كبير بالمنظور الاقتصادي “الأعظم لدى الفيفا”.