من أشهر القضايا الشائكة فى السينما المصرية هي المثلية الجنسية، وقد تناولتها السينما بكثير من الاستحياء أو المغالطة السينما تأريخ للمجتمع ومظاهره وسلوكياته ، لكن فى مجتمعنا تكون العادات والتقاليد والدين حاجزاً أمام هذا التأريخ ، تمنع تسجيل ظواهر اجتماعية وتسليط الضوء عليها.
حتى عند مناقشتها ، يكون من باب الإقرار بأنها خطر على المجتمع وعاداته وتقاليده، وإصدار الأحكام، وكأن السينما مصدر أخلاقى وتشريعى.
من أشهر القضايا الشائكة في السينما المصرية هي قضية المثلية الجنسية، وقد تناولتها السينما بقدر كبير من الاستحياء أو المغالطة. كالتعامل مع المثلي على أنه مريض يجب علاجه، أو أنه أمر عارض مثلاً. ولكن قلائل جداً من تعاملوا مع المثلي على أنه إنسان طبيعي، بعيد عن فكرة “الشذوذ”.
كانت البداية عند رائد الواقعية المصرية المخرج صلاح أبو سيف، وفيلم “الطريق المسدود” عام 1957، قصة إحسان عبد القدوس، سيناريو نجيب محفوظ، وبطولة فاتن حمامة وأحمد مظهر وشكري سرحان.
قدم أبو سيف المثلية في شخصية فرعية، هى معلّمة في مدرسة القرية، قامت بالدور الممثلة ملك الجمل.
تحرك أبو سيف في إطار المسموح، التلميح ببعض العبارات والنظرات، من دون التطرق للدوافع أو الأسباب.
فكانت بمثابة ضوء أصفر في وجه المشاهد والمجتمع من دون إصدار أحكام.
مرة ثانية يعود أبو سيف بالفيلم المثير للجدل والممنوع من العرض، “حمام الملاطيلي” عام 1973.
فيلم يعيد قصة النزوح إلى القاهرة ، ليقدم شخصية الرسام المثلى ، الذى يصطاد عشاقه من حمام الملاطيلى.
قام يوسف شعبان بأداء الدور، وحاول المخرج أن يقدم المثلى كما هو ، أن يناشد المجتمع بتقبله ، مثلما جاء على لسان الشخصية.
لكن عامل الحمام، الذي قام بدروه إبراهيم قدرى ، يردد غالباً جملة ” توب علينا يا رب ” ، فى الإشارة إلى ما يفعله الرسام من ذنب.
يعرض سيف المجتمع بكل ما فيه، ويحترم رغبة المثلى كما يحترم دعاء العامل له بالتوبة والابتعاد عن هذا الفعل، الذى هو فى رأى العامل ذنب لا يغتفر.
مقالات أخرى الجنس فى السينما العربية أنت ملحد أو مثليّ ، إذاً لا مكان لك في دولة مصر الأخلاقية ومع بداية السبعينيات، مروراً بسياسة الانفتاح، وبعد حصر دور المثلى فى شكل ” صبى العالمة ” والتحدث كأنثى، ظهرت موجة أفلام تتحدث عن المثلى بأشكال مختلفة.
غالبها كان لـ”حماية المجتمع من هذه الظاهرة”، التى تصنف من الكبائر باستثناء أفلام قليلة كانت تتيح الفرصة للمشاهد أن يتعاطف مع المثلى ، أو على أقل تقدير أن يتقبله.
كانت البداية مع فيلم ” المتعة والعذاب ” عام 1971، قصة فيصل ندا وإخراج نيازى مصطفى .
فيلم يتعامل بشكل طفولى مع المثلية ، الفتاة التى تكره الرجال بسبب والدها ، فتلجأ لجنسها نفسه .
الفيلم عالج المثلية الجنسية كمرض، وسط أمراض عدة يناقشها، كالسرقة وحب الشهرة.
وقامت بالدور شمس البارودي، وكانت صديقتها الممثلة راوية عاشور.
وقدمت هيئة السينما والمسرح والموسيقى فيلم “جنون الشباب” عام 1975، من إخراج خليل شوقي، ومنع من العرض لفترة طويلة، وهو يناقش مشاكل الشباب وصراعهم مع المجتمع والعادات والتقاليد والأهل.
قامت فيه سناء يونس بدور المثلية ، والسبب ما تحمله من كره ضد الرجال، وفى مقدمهم والدها كما كان فى فيلم المتعة والعذاب ، لكن الفيلم يأخذ منحى مختلفاً.
فالمثلية هنا توضح علاقة حب من طرف واحد، إذ تقع البطلة فى حب صديقتها ، التى قامت بدورها الراقصة عزة الشريف.
وحين تتركها وترحل لتتزوج من أحد أقاربها، تنتحر سناء. ويقع المشاهد هنا في جدال مع النفس. هل هى نهاية تستحقها لما كانت ترتكبه من ذنب ؟ أم أنها لم تستطع التعايش مع رفض المجتمع؟ أم هو فراق الحبيب أقوى من كل شيء؟ أسئلة عدة يطرحها الفيلم، ويترك الجواب للمشاهد.
الانتحار هو الحل المناسب للمثلى ، فرضية تأكدت من فيلم إلى فيلم ، وكأنه عقاب من المجتمع.
فى فيلم ” قطة على نار” عام 1977 يقدم نور الشريف شخصية لاعب الكرة المثلى الجنس ، وتجمعه علاقة مع صديقه عزت ، الذى قام بدوره الفنان اللبنانى شوقى متى، والذى انتحر بعد أن كشفه نور الشريف وهو يخونه.
أما فيلم ” رحلة داخل امرأة ” عام 1978، فقدم قصة الفتاة التى تجد حياتها مع النساء بعد أن خانها زوجها ، وتختار عشيقة لها.
وفي العام نفسه ، صدر الفيلم الأشهر عن المثلية، وربطها بالجريمة المتفق عليها من قبل المجتمع، الجاسوسية، فيلم “الصعود إلى الهاوية”، واستخدام الجنس ليسيطر الموساد على الجاسوسة مديحة كامل، أمام المرأة الفرنسية إيمان، والفيلم من إخراج كمال الشيخ.
لم نرَ في الثمانينات تجربة تضاف إلى الأفلام التي تناولت المثلية الجنسية. ربما هي أفلام قليلة لم تقدم جديداً في القضية، مثل فيلم “بحر الأوهام” عام 1984، للمخرجة نادية حمزة، التي قدمت عدة أفلام تناقش قضية المثلية، لكنها لم تكن على المستوى الفني المطلوب، أو على مستوى تناول القضية.
في التسعينيات أيضاً لا يوجد تجارب كثيرة، أو مهمة تناولت الموضوع. مشهد صغير في نهاية فيلم “عفاريت الأسفلت” عام 1996، بين ماسح الأحذية المحروم من النساء لطفى لبيب، والمعتوه ماجد الكدوانى، فى لقطة غير مباشرة وغير واضحة.
أيضاً شخصية متولى، التى قدمها عبدالله محمود في فيلم ديسكو ديسكو، الشاب الذي يمارس المثلية مقابل المال.
إلا أن التجربة الأهم في التسعينيات، هي فيلم “مرسيدس”، الذي احترم فكرة المثلية والشخص المثلي، من خلال حكاية حب بين رجلين. القصة والإخراج ليسري نصر الله.
مع بداية الألفية الثانية، برز تحرر أكثر في تناول القضية، وجرأة من المخرجين والأبطال في تقديم شخصية المثلي.
فى فيلم “رشة جريئة” عام 2001، قصة ماهر عواد وإخراج سعيد حامد، تطل شخصية المخرج المثلي علي حسنين، الذي لا يوافق على إسناد أي دور لرجل، إلا بعد ممارسة الجنس معه.
ومع وحيد حامد وفيلم “ديل السمكة” عام 2003، الذي قدم هذه الشخصية بطريقة واقعية.
وفى عام 2006، كانت القضية الكبرى شخصية الصحافي المشهور خالد الصاوي، في فيلم “عمارة يعقوبيان”.
كان الجدال أكثر حماسة حول المباشرة في تقديم الشخصية، ومساحة الدور.
الفيلم لم يساهم في احترام شخصية المثلى بل على العكس، كان القتل هو العقاب.
فى فيلم “حين ميسرة” عام 2006، للمخرج خالد يوسف برزت المثلية والاستغلال الجنسي والدعارة، كما قدمت الممثلة حورية فرغلى، دور المثلية فى فيلم “هز وسط البلد” عام 2014.
ايضاً فيلم بدون رقابة لهانى جرجس فوزى الذى انتج عام 2009 و لعبت فيه علا غانم دور الفتاة الشاذة التى تمارس السحاقية مع ريم هلال
وقدم المخرج داود عبد السيد شخصية المثلى فى فيلم “رسائل البحر” عام 2010، من دون الدخول فى أى تفاصيل أخرى.
كذلك هناك فيلم واحد صحيح الذى انتج عام 2011 للمؤلف تامر حبيب و المخرج هادى الباجورى وجسد فيه زكى فطين عبد الوهاب دور الثرى الشاذ جنسيا رغم انه متزوج من امرأة شديدة الجمال هى رانيا يوسف لتكمله شكله الاجتماعى كما ورد على لسانها فى الفيلم .
اما آخر الافلام التى ناقشت قضية الشذوذ فهى فيلم اسرار عائلية الذى انتج عام 2013 , و عرض فى يناير 2014 من تأليف محمد عبد القادر وإخراج هانى فوزى وصنف للكبار فقط الا انه لم ينجح او يحدث ضجة بسبب مزاج المجتمع حالياً .