ملف السلفية الجهادية، يعد من أخطر الملفات التي تواجه المنظومة الأمنية في الدولة المصرية، خاصة وأن المجموعات المنتمية لتلك الأيدلوجية، قد نشطت بقوة، بعد سقوط نظام “الإخوان”، ما جعل أراء المحللون تتجه إلى أن هناك ارتباط وثيق بين الطرفان.
وعلى الجانب الآخر، نجد أن غياب قاعدة المعلومات، يجعل الغموض هو الصفة السائدة بكل ما يتعلق بجماعة “أنصار بيت المقدس”، ومن ثم فإن التعامل الأمنى مع ذلك التنظيم، سيستمر كنوع من رد الفعل، وهو ما يعطى المساحة لقيادات التنظيم، في تطوير استراتيجيتهم من فترة لأخرى، حتى تتوفر المعلومات ويكون هناك ضربات استباقية.
وأصبح تنظيم “أنصار بيت المقدس” هو أحدث تطور للتنظيمات، التي عششت في سيناء، والتى طالما ما كانت تتكون من عناصر مصرية وفليسطينية، وفى بعض الأحيان ضمت عناصر عربية من دول الجوار، وقد مرت التنظيمات “الجهادية” بأطوار وتشكيلات مختلفة.
فكانت البداية فى غزة على شكل تنظيمات محدودة ، لكن دخولها فى مواجهات مع حركة حماس جعل نشاطها يندثر وينحصر فى البيانات الاعلامية فقط ، ومنها “جيش الإسلام الفلسطيني” بزعامة ممتاز دغمش، ثم جماعة “جند أنصار الله” بزعامة الدكتور عبد اللطيف موسى والمكنى “أبو النور المقدسي” ، والذي لقى حتفه على يد تنظيم حماس ، بعدما حاصروه في مسجد ابن تيمية بمدينة رفح ، ثم جماعة التوحيد والجهاد ، بزعامة محمد السعيدني – أبو الوليد المقدسي – الذي قتل في قصف استهدفته الطائرات الحربية الصهيونية ، ويعتبر التنظيم الاخير المشرب الاساسى ، الذى ترعرت على ادابياته ، التنظيمات الحديثة مثل مجلس شورى المجاهدين”اكناف بيت المقدس” ، والذى انشق منه “انصار بيت المقدس” ، نتيجة صراع التمويل بين “القاعدة” و”داعش” ، فالاكناف كانت تميل الى ان تتبع امير القاعدة “ايمن الظواهرى” ، بينما خرجت اصوات عديدة فى التنظيم ، تطالب بتبعية “داعش” ، خاصة وانهم يروا شبه جزيرة سيناء تتبع اقليم الشام فى دولة الخلافة
أن شعار “انصار بيت المقدس” هو نفس الشعار الذي تتبناه الحركات السلفية الجهادية العالمية ، والذي يتكون من كتاب يهدي وهو القرآن الكريم دلالة على الإلتزام بالحكم الشرعي بالعودة إلى الأصول دون الإعتبار للمصالح الموهومة ، أما السلاح فهو يشير إلى القوة وأن لا خيار أمام القضية المستهدفة ، سوى الجهاد والقتال تحت راية واضحة حاكميتها “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، أما الكرة الأرضية فهي للدلالة على مجال الدعوة والقتال والدعم التي تتجاوز به الأطروحات الوطنية والقومية.
لقد تجاوز التنظيم مرحلة ان يكون هناك مراجعات فكرية ، واصبح من المستحيل ان يؤتى منطق التهكم والتوليد اى ثمار معه ، خاصة وان خريطة البنيه الاجتماعية والعقائدية للمواطن المصرى ، تغيرت على مدار الثلاثة سنوات الماضية ، حيث اضمحلت الصورة الذهنية لعالم الدين ، واندثرت سطوته الفكرية وسلطته العاطفية على عموم الشعب ، بعدما مر المجتمع بمرحلة حرجة من الشك فى كل ما يتعلق بالدعوة للدين ، بعد تجربة الاسلام السياسى التى انتهت بالفشل، وبالتالى انعكست تلك الازمة على اصحاب الايدلوجيات المتطرفة، والذين استغلوا فرصة خلل البنيه العقائدية ، وامسكوا طرف الخيط ومشوا على نهجه.
إن المنادون بمقاومة الفكر بالفكر، غابت عنهم تلك الحقائق المريرة، إن المواجهة الفكرية تطلب بيئة مناسبة، وآذان صاغية، واستقرار أمني، فلا يجوز أن تحاور أحدهم بالمنطق وهو يحمل السلاح مستحضر نية القتل قبل ان تردعه، إن الصراع الدائر بين المنظومة الامنية والتنظيمات الجهادية والتكفيرية، خرجت عن نطاق وجاهدوا فى سبيل الله، الى واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم، حيث استقرت فتاوى امراء التنظيمات الى تكفير المجتمع كله، ولم يستثنى المستضعف والجاهل، بعدما اعتبر الاعلام سحرة فرعون واعتبر الشعب كهنته.