سماح حمدى : ” أديني أهو لبستلكو الفستان، سيبوني أشوف حياتي”
أعلنت تحديها لنظرة المجتمع والأسرة، القاسية والمهمشة للفتاة، بأن ليس لها إلا الزواج وبيت زوجها، فهذا هو نجاحها الحقيقي في الحياة، فقررت أن تتخطى الأمر بذكاء درامي ساخر، بارتداء الفستان الأبيض،” فستان الفرح”، في سابقة لم تحدث، أخترقت به كل المألوف وتجولت في الشارع بالفستان الأبيض رافضة المفهوم الشائع عنه.
قالت الفنانة التشكيلية سماح حمدي، إن البداية كانت خلال نقاش حاد كالعادة مع ” ماما ” على الزواج، هى ترى أن كوني ” مهندسة ” وأحضر الـ” ماجستير” ( مالوش لازمة ).
وأن “الست” نجاحها الحقيقي، لما تكون زوجة وبتربي أطفال، هذة هي الرسالة، التي خلقنا ربنا لها.
فهي لا تعتقد أن نجاحي هو عامل جذب الرجل، الذي يتقدم لزواج بي، بمعنى ” لما أكون مهندسة ومعايا “ماجستير” هيتقدم لي درجة علمية مثلي، لكن لو قاعدة في البيت يتقدم أي شخص”.
ولأنني دائمًا أرى أمي نموذج مصغر للمجتمع، قلت أحقق لها هدفها وهدف المجتمع، و” أريح دماغي”. فجاءت لي الفكرة من هنا.
في المترو.. داخل ” عربة السيدات”، لم يصدقن ما يروه، وتسألوا في استغراب، ” عروس راكبة المترو ؟” هو عريسك في عربية الرجالة”؟؟!.
ومشاركة منهم عملوا “زفة” لي، لكي لا أشعر بأن لا ينقصني شئ، العجيب أن الناس تركوني ” أعمل اللي أنا عايزاه”.
في أخر اليوم، اكتشفنا أننا حديث ” وسط البلد”، التي كانت تتكلم عن العروس التي لبسة فستان في الشارع، وعريسها اللي بشورت”.
سردت بطلة الفيديو، أنني ” قصدت التصوير، وكأنه بعين الناس، وأن أفعل كل تصرفاتي التي أقوم بها في يومي الطبيعي بكل ما يشمله لكن بالصورة، التي يروها هم .
أتصلت بصديق مصور يدعى ” أحمد الساعاتي “، وذهبت لـ” بنت خالتي”، التي كانت قد تزوجت من 10 سنين، وأخذت فستانها، وقمت بظبطه على مقاسي، وأجرت له طرحة .
ذهبت لأستوديو بشارع ” عماد الدين”، معي أتنين من أصدقائي المصورين ” فوتوغرافي وفيديو”. وبدأنا بالفوتوغرافيا، وأرتديت بها، فستان أطفال ومعه عروسة، ثم ” فستان الفرح”.
بدأنا التصوير بعدها في الشارع، رغم اعتراض مصور الفيديو، بدأنا التصوير من ستوديو “عماد الدين” ثم “ميدان التحرير” و” وسط البلد” .
وقام البائعين بزفنا، ورغم ذلك حاولت أن أبدي التصوير وكأنه يحدث بشكل حقيقي، بعض الناس كانوا يتشاجرون مع المصور، ظنًا منهم أنه يعتدي عليا بالتصوير، وآخرين قاموا بتصويري، وبعضهم قاموا بتلفظ تعبيرات قبيحة.
بعد مايقرب من سنة، وقبل صالون الشباب قام الكومسير”خالد حافظ”بمشاهدة الفيلم، وقال لي؛ ” أنا هعتبر ده أول عمل احترافي تعمليه”
وضحت الفنانة التشكيلية في نهاية حديثها، بأن كل دائرة مجتمعية تضع أشخاصها داخل قوالب فكرية جامدة، يتعاملون معها كما ” التابوهات” ( الأشياء المحرمة أن تناقش أو تكسر)، يجب على المرء الانصياع إليها ولا يصح الخروج عنها أو التشكيك في صحتها.!
بمجرد ” قولبة ” شخص ما فإنهم ينظرون إلى سلوكياته ويحكمون عليها بمقاييس ذلك القالب، حتى إن كانت أهداف تلك السلوكيات منفصلة في ذاتها ومناقضة لتلك المقاييس، كما أنهم لا يضعون في الاعتبار أي سلوك خارج ذلك الإطار، بل ويقصدون تحويل مساره ليتماشى مع نظرتهم .
من بين تلك ” التابوهات” ما يمكن تسميته “البنت العروسة” ؛ فتشيع في مجتمعنا فكرة “البنت لازم تتجوز”، من منطلق أن هذا هو الهدف الأوحد والأسمى، الذي يجب أن تعيشه كل فتاه ولا تسعى إلا لتحقيقه، وبالتالي فإن أي سلوك أو عمل تقوم به يجب أن يخدم تحقيق هذا الهدف، ولا يرون أي نجاح علمي أو عملي خارجه نجاح طالما لم يحقق ” الفستان الأبيض ” ويعيقه أيضًا !، وفي سبيل ذلك يتعاملون معها كسلعة مطروحة للعرض والطلب ويضعونها داخل حدود خانقة -حتمية- هلامية .وهكذا من قالب لآخر، كما لو كان على البنت أن تسألهم باستمرار.
الجدير بالذكر، أن العمل عرض في ” صالون الشباب” ضمن أهم الأعمال الفنية، والتصويرية، وأعمال الـ”فيديو انستاليشن”، وهو حاصل على جائزة ” أحمد بسيوني”.