كلنا يعلم ان الكعبة تعرضت على مدار التاريخ لعدد من محاولات الهدم اولها ما قام به ابرهة الاشرم كما تعرضت للقذف بالمنجانيق على يد الحجاج بن يوسف الثقفى كما غرقت ايام محمد على باشا واعيد بناءها عدة مرات .. ولكن هل تعلمون انها تعرضت للاحتلال ولمدة اسبوعين على يد المهدى المنتظر ؟
اقرأ ايضاً : تاريخ الاعتداءات على الكعبة .. وعدد مرات هدمها وبناءها
نعم حدث هذا بالفعل يوم 20 نوفمبر 1979 على يد اثنان من المتطرفين المختلين السعوديين احدهما ادعى انه المهدى المنتظر واعلنا خلالها الانقلاب على خادم الحرمين الشريفين وعائلته واستمر احتلالهما للكعبة – مع الآلاف من انصارهما الذين صدقا روايتهما – لمدة 15 يوما متواصلة .
بدأت القصة برجلين هما جهيمان بن محمد بن سيف العتيبى، الموظف السابق بالحرس الوطنى السعودى الذى درس الفلسفة الإسلامية بجامعة مكة المكرمة، ومنها انتقل إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، والثانى هو محمد بن عبد الله القحطانى، تلميذ الشيخ عبد العزيز بن باز، مفتى السعودية فى التسعينيات.
التقى القحطانى والعتيبى بالمدينة المنورة، وكان للقائهم وقع كبير عليهما، بعد أن اكتشفا تتطابق الكثير من أفكارهما المتطرفة، مثل تكفير المجتمع والدولة، وتحريم كافة وسائل الاعلام من تليفزيون وراديو وصحف وهى الأيدولوجيات التى اعتنقوها وآمنوا بها، واعتزلا على إثرها المجتمع.
استمر تقارب الرجلين، فتزوج القحطانى من شقيقة العتيبى لتتطور العلاقة من صداقة إلى مصاهرة، ويصبح طريقهما واحدًا ليبدآ في نشر أفكارهما المتطرفة رويدًا رويدًا بدءًا من مساجد صغيرة بالمدينة حتى أصبحت لهم جماعه أطلقوا عليها المُحتسبة، تعدادها بالآلاف.
وتطور الأمرعندما وصف العتيبى صديقه محمد عبد الله القحطاني، بأنه المهدى المنتظر، الذى سيحرر الجزيرة العربية والعالم بأكمله من الظالمين، مستندًا فى حديثه لصديقه على ما أطلق عليه رؤية أتته فى المنام، عام 1399 هجريًا – 1979 ميلاديًا.
انتظار أهل السنة لقدوم المهدى المنتظر، وخروجه من نسل آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم، وأن اسمه سيكون وسيكون اسمه محمد بن عبد الله، توافق مع ما رواه العتيبي للقحطانى، وهو ما أوهم الكثير بصدق الرواية وكان دافعًا لهم بالانضمام إلى هذين المجنونين للذهاب إلى بيت الله الحرام.
ومع رفع آذان الفجر فى الحرم المكى غرة محرم 1400 الموافق 20 نوفمبر 1979 معلنًا بدء قرنًا هجريًا جديدًا، ، كان العتيبى وجماعته قد اندسوا وسط جموع المصلين قاصدين الصلاة أمام الكعبة، يحملون نعوشًا أقنعوا الحراس بكونها تحمل أمواتًا سيصلون عليهم بعد الفجر.
امتلأ الحرم بالمصلين واقيمت الصلاة وانتهت الصلاة ليقف العتيبى والقحطانى أمام المصلين معلنين نبأ ظهور المهدي المنتظر وفراره إلى الكعبة من أعداء الله.
في التوقيت ذاته أوصد رجال المهدى المنتظر أبواب الكعبة، وأخرجوا الأسلحة من النعوش التى أدخلوها واحتجزوا كل من داخل حرم الكعبة.
حاولت السلطات السعودية إقناع العتيبى وصهره وأتباعهما بالاستسلام وإخراج الرهائن إلا أن كافة المحاولات التى جرت لم تنجح الا فى اطلاق سراح النساء والاطفال بعد ثلاثة ايام ليبقى المئات من الرجال محتجزين كرهائن لمدة 15 يوما .
لذا لم بكن هناك بديلا إلا التعامل بالقوة مع هذه العصابة و بالفعل فحينما فقدت السلطات السعودية الأمل فى التفاهم مع جماعة العتيبى والقحطانى، بدأت تطلق النار على محتلى الحرم، ونفذت القوات السعودية هجومًا شاملًا بقوات كوماندوز، حتى حررت الحرم.
وقيل في بعض الروايات أن فرقة الكوماندوز كانت مصرية، رغم أن سوء العلاقات بين البلدين في ذلك الوقت يضحض تلك الرواية، خاصة أن تلك الواقعة جاءت فى أعقاب إبرام مصر لمعاهدة السلام مع إسرائيل.
سقط الكثير من القتلى بين جماعة القحطانى والعتيبى، وسقط معهم الكثير من شهداء القوات السعودية، إلا أن نقطة التحول في المعركة تكمن في مقتل محمد بن عبد الله العتيبى نفسه، الذى ادعى أنه المهدى المنتظر، ليستفيق أتباعه على الحقيقة، فقد ظنوا أنه لا يموت باعتباره المهدى المنتظر، لذا كان لموته وقع الصدمة على رجاله، واكتشفوا أنه لا كان المهدى ولا كان منتظرًا، لتنهار قواهم ويبدأون فى الاستسلام.
فى النهاية، استعادت القوات السعودية السيطرة على الحرم المكى، الذى تأثر بفعل الاشتباكات، وتم القبض على جهيمان بن محمد بن سيف العتيبى ومن تبقى من أتباعه، وتم الحكم بإعدامه والعشرات من أتباعه.