كان أبيًّا على الدوام، أبَى أن يستجيب للأزمة المالية العالمية، فجنبّ المصريين فقرا إضافيا، وساند الثورة باحترام فوقف خلف المصانع المتعثرة، وبادر بدعم القطاع السياحى الذى ضُرب فى مقتل خلال الفترة الانتقالية التالية للثورة إنه القطاع المصرفى المصرى الذى ينبئ تاريخه عن مستقبله. ننشر فى السطور التالية تاريخ البنوك الوطنية المصرية.
بنك القاهرة .. بنك الثورة
أسس مجموعة من رجال الأعمال والاقتصاد والقانون من المستثمرين المصريين فى 15 / 5/ 1952 بنك القاهرة كشركة مساهمة مصرية، برأسمال قدره نصف مليون جنيه مصرى، وتم نشر مرسوم التأسيس بجريدة «الوقائع الرسمية» فى عددها رقم 82 الصادر يوم الخميس الموافق 15 / 5/ 1952 ، وكان هذا اليوم يوم افتتاح البنك أبوابه لخدمة عملائه.
وفى عام 1956 وعقب إعلان تأميم قناة السويس، كان بنك القاهرة ضمن البنوك المصرية التى قامت بتوفير التمويل اللازم لمحصول القطن، إثر امتناع البنوك الأجنبية فى مصر عن تمويل هذا المحصول الاستراتيجى.
ويعد عام 1957 من أهم سنوات التحول فى تاريخ البنك من خلال عملية تمصير البنوك الأجنبية، حيث قام بشراء فروع بنكين فرنسيين من أقدم وأهم البنوك وهما الكنتوار ناسيونال ديسكونت دى بارى، وبنك الكريدى ليونيه.
وكان البنك قد بدأ خالل الخمسينيات بإنشاء فروع له فى البلدان العربية، حيث أنشأ خمسة فروع فى كل من سوريا والسعودية، وفرعين فى لبنان، وشعاره مئذنتان جوار أحد أبواب القاهرة القديمة.
البنك الأهلى .. أصله إنجليزى
هو أكبر البنوك الوطنية وأعرقها، حيث قام روفائيل سوارس بالتعاون مع البريطانى سير إرنست كاسل بتأسيسه فى 25 يونيو 1898 ، برأسمال قدره مليون جنيه إسترلينى. وقد تطورت وظائف البنك وأعماله بشكل مستمرعبر تاريخه وفقا للتغيرات الاقتصادية والسياسية التى مرت بها البلاد. وفى الخمسينيات من القرن الماضى اضطلع البنك بالقيام بوظائف البنوك المركزية، ثم تفرغ بعد تأميمه فى الستينيات لأعمال البنوك التجارية، مع استمرار قيامه بوظائف البنك المركزى فى المناطق التى لا يوجد للأخير فروع بها، كما أنه قام فى منتصف الستينيات بإصدار وإدارة شهادات الاستثمار لحساب الدولة.
وقد جاء شعار البنك مستلهما من التراث الفرعونى، حيث يرمز الإطار الخارجى الأخضر إلى البيت، وترمز نصف الدائرة ذات اللون البرتقالى وأسفلها ثلاثة أعمدة بنفس اللون إلى الأشياء الثمينة والذهب، والشعار فى مجمله يعنى بيت المال والذهب وكل ما هو ثمين.
بنك مصر .. للصناعة عنوان
طلعت حرب باشا وبنك مصر اسمان لا ينفصلان، إذ أسس طلعت حرب باشا بنك مصر هادفا إلى استثمار المدخرات القومية وتوجيهها للنمو الاقتصادى والاجتماعى، وهذا البنك هو بنك مصر. وقد قام البنك فى الفترة منذ سنة 1920 إلى سنة 1960 بإنشاء 26 شركة فى مجالات اقتصادية مختلفة تشمل الغزل والنسيج والتأمين والنقل والطيران وصناعة السينما، وقد استمر البنك فى دعم جميع أنشطته بنفس معدل النمو. أقنع محمد طلعت حرب باشا 126 من المصريين بالاكتتاب فى البنك، وبلغ ما اكتتبوا به ثمانين ألف جنيه، تمثل عشرين ألف سهم، أى أنهم جعلوا ثمن السهم أربعة جنيهات فقط، وكان أكبر مساهم هو عبد العظيم المصرى بك من أعيان مغاغة، فقد شترى ألف سهم. وفى الثلاثاء 13 أبريل سنه 1920 نشرت «الوقائع المصرية» فى الجريدة الرسمية للدولة مرسوم تأسيس شركة مساهمة مصرية تسمى «بنك مصر».
وقد اتبع محمد طلعت حرب باشا سياسة تخطيطية من الطراز الأول مبنية أساسا على إيمانه بأهمية الكيان الاقتصادى، الذى أسسه فى القيام بدور البنك القابض الذى يؤسس مجموعة من الشركات المستقلة، التى تدور فى فلكه فترفعه والقطاعات الاقتصادية الأخرى تدريجيا نتيجة التفاعل الطبيعى بينها جميعا، وأدت سياسته الرشيدة إلى كثير من التطورات التى شوهدت فى الاقتصاد القومى، والتى كانت مرتبطة إلى حد كبير بنشاط بنك مصر وشركاته أو كانت تمثل نتيجة من نتائجه.
اختار بنك مصر تصميما من صورة للملكة كليوباترا يقابله زهرة اللوتس، وتم اختيار كليوباترا تحديدا لأنها آخر ملكة مصرية فى الحضارة القديمة ولها مكانتها التاريخية وتعد رمزا للجمال والحكمة والرقة. أما زهرة اللوتس فهى ترمز للحياة والبعث، إذ تغمض أوراقها بالليل وتغوص فى الماء، وفى الصباح تطفو مرة أخرى على صفحة النهر، وتتفتح أوراقها لاستقبال أشعة الشمس.