كتب :هشام السروجي
ما تتناوله السطور القادمة ليس سيناريو مرجحاُ له أن يتم أو لا يتم ،ولا دربًا من الخيال الذى يداعب الأذهان ، إنما هوحقيقة تم التدبير لها بهدف تهديد الأمن القومي المصري ، التي تسعى عدة قوى لتنفيذه , فعندما يتعلق الأمر بإعادة ترسيم الحدود الشرقية المصرية والاستيلاء على سيناء , فى مؤامرة تتكشف خيوطها بين أيدينا , يجب على الدولة المصرية اتخاذ موقف حاسم تجاه ما يحاك ضد الوطن من مؤامرات , فالوثائق والمعلومات المتوفرة لدينا ، تؤكد أن حلم الاستيلاء على سيناء ضمن مخطط تقسيم مصر ، لم يكن شائعات أو رؤى تحليلية للخبراء الأمنيين والعسكريين ، انما هو نتيجة لتوفر أدلة دليل قاطعة ضد التنظيم الدولي للإخوان وكذلك جهاز الاستخبارات التركي بأموال قطرية ، وأدواتهم الإرهابية التي يتم استغلالها ، للوصول الى الهدف الأسمى للصهيونية العالمية ، وهو تفتيت المنطقة وإعادة رسم حدودها إلى كيانات صغيرة ، لتصبح الدولة العبرية هي الأقوى والأكبر
فبعد أن كشف الشعب المصري حقيقة تنظيم الإخوان ، وفطن لتورط حماس فى انتهاك السيادة المصرية ، وتوغلها على ارض سيناء , وارتكاب جرائم إرهابية يندى لها الجبين ، عن طريق الأنفاق التي كانت بوابة العبور الغير شرعية لارتكاب تلك الممارسات ، وخرج فى 30 يونيه معلناً سقوط الإخوان وإفشال جميع مخططاتهم التى تخدم الصهيونية العالمية , والتى يقوم التنظيم بتنفيذها برعاية أمريكية , كورقة اعتماد لدى الولايات المتحدة لتضمن له البقاء فى الحكم ، وقد كان على رأس الأهداف التي تسعى الجماعة لتنفيذها ، اختطاف سيناء , لتصبح وطناً بديلاً لمن لهم حق العودة من الشعب الفلسطيني ، بعد ان رفضت إسرائيل التنازل عن شبر واحد من الأراضى المحتلة ، وكانت الصفقة الكبرى بين الجماعة وواشنطن وتل ابيب بغطاء سياسى تركى ودعم مالى قطرى ، ان يدعموا وصولهم الى الحكم مقابل التنازل عن جزء من الاراضى المصرية ، لحل ازمة اللاجئين “حق العودة” ، والذى عرف اعلامياً وسياسياً بمشروع الوطن البديل ، وبذلك يتحقق الامن المنشود للدولة العبرية
المخابرات التركية تزور خرائط منسوبه للعهد العثماني لفصل سيناء
اعتبر التنظيم الدولي لجماعة الإخوان ، أن تركيا هي الامتداد الطبيعي لدولة الخلافة الإسلامية “العثمانية” ، ورأت فيها المركز المناسب لانطلاق مشروع أستاذية العالم ، لما لها من ثقل اقتصادي وسياسي بالمنطقة ، إضافة إلى سيطرة التنظيم على مقاليد الحكم فيها عبر حزب العدالة والتنمية ، وبالتالي فأن أجهزة الدولة التركية أصبحت جميعها أصبحت اداة لخدمة التنظيم ، وعلى رأسها أتى جهاز الاستخبارات التركى ، ليكون الجهاز المعلوماتى الخاص بهم ، بدلا من ان يخدم المصلحة الوطنية للشعب التركى ، وحيث ان المصلحة تقتضى تنفيذ المرحلة الثانية من إعادة ترسيم الحدود لدول المنطقة العربية , كان من الضروري إيجاد مبررات موثقة ، تستطيع من خلالها الجماعة ان توجد خطة بديلة فى حالة فشل ، مكتب إرشاد القاهرة في تنفيذ الخطة بعد ان يصل للحكم ، لاى أسباب قد تستجد من الداخل المصري ، وهو ما يعرف في أدبيات التنظيم والعمل السرى بخطة الطوارئ , وكان المتفق عليه استخدام الاستخبارات التركية ، فى تزوير خرائط تتماشى مع حقبة الدولة العثمانية ، مفادها ان سيناء كانت جزءاً من دولة الشام حتى ابرام اتفاقية 1906 ، والتى على اساسها تم ترسيم حدود الدولة المصرية مع الشام ، حيث تظهر الخرائط التى تستخدمها حماس ، ان سيناء كانت جزء من دولة الشام جغرافياً فى حين انها تتبع مصراداراياً ، وانتشتر على شبكات الانترنت ابحاث تتحدث عن هذا الاطار ، ويتم تداولها على بعض المنتديات التى تروج للمشروع ، على شكل دراسات وابحاث تاريخية ، فى اطار التعبئة النفسية وتأهيل المجتمع الدولى لاستقبال الازمة التى ستحدث
حماس بدأت الترويج خلال ندوات سرية وشهادات ميلاد اطفالها
في ابريل عام 2008 خرج القيادي الحمساوى “عبد الفتاح دخان” ليعلن صراحة ، ان الحدود التاريخية لغزة تشمل مدينة العريش , خلال مؤتمر شعبي عقده تنظيم حماس فى “خان يونس” ، فى إطار المؤتمرات الدورية التى تعقدها القيادات مع شباب التنظيم ، ومن يومها أصبح يتردد فى أوساط غزة وخاصة الحمساويين ، مثل تلك الترهات التي أصبحت شغل القطاع الشاغل ، ومع ارتباك الأوضاع السياسية والأمنية فى مصر منذ يناير 2011 ، بدأت مرحلة جديدة اعلن خلالها بعض القيادات إن الأرض الفلسطينية المحتلة من الدولة المصرية سيتم استردادها ، موضحا ان تلك الاراضى تبدأ من وادى العريش ، وهناك من رفع سقف طموحاته ليقول بأن الحدود الطبيعية للشام فترة الحكم العثمانى وحتى عام 1906 ، كانت ترسيم الحدود حسب الاتفاقية التى ابرمت بين المملكة البريطانية والدولة العثمانية ، بداية من قناة السويس ، وكانت سيناء تتبع حينها الشام وليست مصر ، وقد نجح قيادات التنظيم فى ترسيخ ذلك المفهوم لدى الشباب التابع لهم ، ولم يقتصر الامر عند ذلك الحد ، بل انه وصل الى ان يدون فى خانة محل الميلاد ، بشهادات ميلاد الاطفال بالقطاع ، ان المولود من سكان “غزة – سيناء” ، حسب ما اكده أحد الخبراء العسكريين ، فيما يعد اعتراف رسمى للحكومة الانقلابية بغزة بالمخطط الانفصالى ، ويؤكد على صدق سوء النوايا ، التى تتحول مع الوقت الى افعال .
ميلشيات “داعش” وشباب الارهابية ودورهم فى مشروع “الانفصال” على ارض سيناء
الواقع يؤكد ان اى حركة انفصالية ، يجب ان يسبقها عزله اجتماعية ، وان تكون هناك ميلشيات عسكرية تدعم اهدافها ، مثلما حدث فى سيناء خلال السنوات الماضية على قدم وساق ، فبرغم ان النظام الاسبق قد نجح بكفاءة فى عزل المجتمع السيناوى عن باقى مصر ، الا ان ما شهدته البلاد فى عام 2011 كان من الممكن ان يعيد المجتمع السيناوى ، الى الانصهار مرة اخرى فى بوتقة الدولة المصرية ، وهو ما اثار مخاوف من يسعون لتقسيم الوطن ، ومن هنا كان من الضرورى بناء حاجز نفسى اشد صلابه من سابقه ، ولكى يتم التنفيذ يجب ان تكون هناك ادوات فعاله على ارض الواقع ، تصنع المبررات وتسمح للتواجد المسلح ، لكى يتم الزج بميلشيات تكون هى نواة العزلة، ومن ثم يتم فصل سيناء عن مصر كما تراودهم احلامهم ، فنشطت الجماعات المسلحة بدعم تنظيم الاخوان الارهابى ، الذى وطدت اركانها فى منطقة الشريط الحدودى ، خاصة بعد اجتماع فى نوفمبر 2011 ، ضم روؤس العمل الجهادى والتكفيرى مع القيادى الاخوانى خيرت الشاطر فى جنوب رفح ،والذى انتهى الى اتفاق ان تستقل سيناء كأماره اسلامية ، الا ان القيادات التى اجتمعت بالشاطر ابدت مخاوفها من تملص الجماعة عن اتفاقها ، وطالبت ان تكون هناك خطوة ايجابية على ارض الواقع ، تؤكد خلالها الجماعة عن صدق نواياها تجاههم ، فعرض الشاطر فكرة انشاء قضاء مستقل بالمنطقة ، اطلق عليه “المجالس الشرعية” تمهيداً لاعلان الامارة الاسلامية فى شمال سيناء ، كبادرة لتكوين كيانات تكون نواة “امارة سيناء الاسلامية” ، وان يقوم عليها بعض الرموز التابعين للجماعة السلفية , كما اتفق على توفير الدعم المالى اللازم ، عن طريق تخصيص عشرات الانفاق بين رفح وغزة ، ليكون العائد المادى الناتج عنها ، مخصص لهؤلاء القيادات على ان يتم استخدامه فى استقطاب الشباب وغيره من التجهيزات ، مستغلين فى ذلك مشروع “اعمار غزة” الممول من الحكومة القطرية
فى تلك الفترة انتشرت معسكرات التدريب للجماعات الارهابية ، وخرجت المسيرات المسلحة فى عروض عسكرية تجوب شوارع المدن شمال سيناء ، وفرضت سيطرتها على الساحة بقوة السلاح ، واستهدفت مشايخ ورموز القبائل ، للاعلان عن وجود قوة لا ترضخ للدولة او قيم وعادات المجتمع السيناوى ، وبدأت البيانات الاعلامية والصحفية تخرج للنور وللمرة الاولى فى تاريخ سيناء ومصر ، لتتبنى العمليات الارهابية الاعلان عن تكوين الميلشيات الخاصة بتنفيذ مشروعها ، وكان السبق فى ذلك لمجلس شورى المجاهدين “اكناف بيت المقدس” ، والذى اوضحت الفترة الماضية تبعيته لتنظيم داعش “الدولة الاسلامية فى الشام والعراق” ، وهو ما يكشف ان كل شئ مدبر ولم يكن من باب الصدفه ، حيث ان المخطط تأسس على تبعية الامارة الاسلامية فى سيناء الى دولة الشام ، وبرغم انشقاق بعض عناصر التنظيم وتكوينهم جماعة انصار بيت المقدس ، الا ان الهدف الاستراتيجى جمعهما على منهج واحد هو اعلان سيناء اقليم مستقل , وقد اثبتت التحقيقات التى اجرتها جهات التحقيق القضائى والامنى , مع الارهابى عادل حبارة المتهم بقتل واستهداف الجنود المصريين ، صلته بتنظيم داعش وتلقيه تمويل مباشر منها ، للقيام باعمال ارهابية ونسبها الى التنظيم ، من اجل اظهار سيطرته على الاوضاع فى سيناء ، وهو ما وجد صدى قوى لدى الاوساط الجهادية والتكفيرية ، التى وجدت ان الاعلان عن المخطط يجب ان يتأخر بعض الوقت ، لحين الوصول الى مرحلة ارهاق القوات المصرية فى سيناء ، او ان تبدى اسرائيل قلقها وتمارس دورها فى طلب انسحاب القوات المصرية من سيناء تطبيقاً لاتفاقية كامب ديفيد
وبالتوازى مع العمليات المسلحة للجماعات فى سيناء , هناك مجموعات شبابية تتبع الاخوان بدأت بالفعل فى التحرك على الارض ، لشحن المواطنين وابناء القبائل ضد الدولة المصرية ، وتصوير ان هناك انتهاكات تتم ضدهم ، وان الدولة لن تعترف بحقهم فى الحياة الكريمة ، كباقى ابناء المحافظات الاخرى ، وان وهم التنمية لن يعرف طريقاً الى ابناء سيناء ، وقد بدأت النعره الانفصالية تعلو فى تلك الحناجر ، حتى اصدروا بياناً يعتبر اقوى ناقوس خطر للمرحلة الحالية , حيث خرجت تلك الجماعة عن الخط المتأسلم معلنه انها حركة شعبية بعيدة عن الحركات الاصولية المسلحة ، واطلقت على نفسها “جبهة المقاومة الشعبية فى سيناء” , فى محاولة لتضليل الرأى العام , ولكى تفتح طريق لضم من ليسوا مؤيدين للعمل المسلح , واحتوى البيان الصادر عنها على جملة تفضح الهدف الحقيقى وراءه , حينما وجهوا حديثهم لقوات الامن والقوات المسلحة قائلين “لهذا نحذّر كل من دخلوا أرضنا وأهانونا إننا لا نصبر أكثر من ذلك فأنتم على أرضنا التي لا تعلمون عنها شيئًا أكثر مما نعلم” , فسياق الكلام يعبر عن ان ارض سيناء ملكاً لاهلها ، ولا يجوز تواجد القوات المصرية عليها وكانهم قوات احتلال .
التنظيم الدولى يتواصل مع مكاتب محاماه عالمية لتدويل القضية امام المحافل الدولية
وأكدت مصادر خاصة أن التنظيم الدولي لجماعة الإخوان بالتنسيق مع تركيا وحماس ، يقوم بالتواصل مع بعض مكاتب المحاماة الدولية ، من اجل التجهيز لإدخال الخطة حيز التنفيذ في المحافل الدولية , للمطالبة باعلانها إقليم مستقل , بعد أن ينجحوا في حشد قطاع كبير من اهالى سيناء في اتجاه الانفصال , وخلق زخم سياسي واجتماعي ايجابي تجاه المخطط , وهو ما بدأه البيان سابق الذكر الذي يحاول إظهار أن هناك رغبه شعبية غير لا تقف وراءها أغراض سياسية للانفصال بسبب التعسف والظلم الواقع عليها من الدولة المصرية , ولا يغيب على احد ان جماعة الإخوان والابنة الشرعية لها حماس لهما مؤيدين بالمنطقة المستهدفة ، كما ان حالة الاستقطاب التي تتم بشكل سرى ومتنامي قد تنجح الى حد كبير , وهو ما يسعى التنظيم لاتخاذه ذريعة أمام ما يصبو إليه أمام المحافل الدولية والرأي العام العالمي