في تقرير لمركز “دلتا للأبحاث” بعنوان “موازنة مصر العامة 2018-2019 : تحليل عميق لمكامن القوة والضعف”، يظهر تحليل الموازنة الجديدة أن هناك زيادات في الإنفاق خاصة في الأجور لكنها أقل من نسبة التضخم المتوقع خلال العام الجاري، كما أن خفض الدعم على الطاقة، مع افتراض متوسط سعر منخفض لبرميل النفط، ربما سيدفع إلى زيادات جديدة في أسعار الكهرباء والبنزين خلال العام.. فيما يبدو أن ما سيتوفر من بند الدعم ربما سيتجه غالبا نحو بنود أخرى بعيدا عن الحماية الاجتماعية.
ويوضح تقرير دلتا أن الإيرادات المتوقعة في ميزانية السنة المالية الحالية 2018-2019 ستبلغ 989.188 مليار جنيه، ما يوازي 18.8% من إجمالي الدخل المحلي، حيث تمثل الإيرادات الضريبية نحو 76.81% من إجمالي الإيرادات، وعلى رأسها ضريبة القيمة المضافة، والمتوقع زيادة مردودها إلى نحو 25.5% في موازنة العام الجاري.
فيما تواصل الحكومة زيادة قاعدة الضرائب من أجل رفع الإيرادات، كوسيلة للحماية ضد المخاطر.
أما العائدات غير الضريبية، فأظهر التقرير انخفاضها بنسبة 5% مقارنة بموازنة العام الماضي. فيما من المقرر أن ينطلق برنامج الطرح العام خلال العام المالي الجاري، كما أعلنت الحكومة، وهو البرنامج الذي سيشمل طرح نحو 23 شركة خلال ما بين 24 إلى 30 شهرا.
أما في بند المصروفات، فأظهر التقرير ارتفاعا في الإنفاق الحكومي يبلغ 21.6%، مدفوعا بشكل أساسي بزيادة خدمة الدين والمدفوعات.
وزاد الإنفاق على الأجور بنحو 10.9% مقارنة بموازنة العام الماضي. بينما زاد الإنفاق على دعم السلع الأساسية بنسبة 36% لتعويض آثار خفض دعم الوقود والطاقة.
وكان من الملاحظ وجود زيادة كبيرة في مدفوعات الفوائد على أذون الخزانة في الميزانية الجديدة، بارتفاع تبلغ نسبته 49%، حيث زادت من 148.092 مليار جنيه في العام المالي السابق، إلى 220.739 مليار جنيه في العام المالي الجاري.
من ناحية أخرى، تمثل مدفوعات الديون، على الرغم من أنها أعلى في القيمة المطلقة، جزءًا صغيرًا من إجمالي بنود النفقات، حيث انخفضت من نسبة 17.5% في العام الماضي، إلى 16% من إجمالي النفقات في ميزانية العام الجاري.
ووفقا للحسابات، أظهر التقرير أن عجز الموازنة الكلي المستهدف سيكون في حدود 438.594 مليار جنيه، بما يعادل 8.4% من الناتج المحلي، انخفاضا من مستوى 9.8% في العام المالي السابق. وبينما ارتفعت الإيرادات بنحو 15.4% نتيجة تحسين السياسات الضريبية وزيادة قاعدة الضرائب، ارتفع الإنفاق الحكومي بنسبة 21.6% مدفوعا بشكل أساسي بزيادة خدمات الدين. ويتمخض كل هذا عن فائض أولي يقدر بنسبة 2% من إجمالي الناتج المحلي، ارتفاعا من نسبة 0.2% في العام المالي السابق.
ومن بين الملاحظات التي أشار إليها تقرير “دلتا للأبحاث” وجود زيادة كبيرة بالإنفاق الحكومي على الأجور وتعويضات العمال في الموازنة الجديدة بنسبة 10.9%، ورغم ذلك فإن الزيادة أقل من التضخم المتوقع من صندوق النقد الدولي عند مستوى 14.4% في ذات الفترة.
أيضا، فإن امتلاك الأجانب لشريحة كبيرة من سندات الخزانة ربما يدفع البنك المركزي للبقاء على معدلات الفائدة المرتفعة للحفاظ على التنافسية في الأسواق الناشئة، والتي تشهد بدورها عوائد مرتفعة، قد تؤدي إلى تراجع التدفقات الخارجية.. وفي ظل هذه الأوضاع، فإن الإنفاقات الموفرة من الدعم سيتم ضخها لتغطية تلك العوائد على الأرجح، بدلا من توجيهها لتغطية الطبقات الأكثر انكشافا للصدمات نتيجة خفض دعم الطاقة.
وأظهرت الميزانية خفضا لدعم الكهرباء بنسبة 47%، وللمحروقات بنسبة 26%.. وذلك مع افتراض الحكومة سعرا متوسطا حول 67 دولارا لبرميل النفط، وهو ما يبدو افتراضا بعيدا بشكل كبير عن متوسط الأسعار الحالية المرتفعة، وما قد يؤدي إلى زيادات جديدة ضرورية في أسعار الطاقة لملاقاة مستهدفات الموازنة.
أيضا فإن الميزانية افترضت أن متوسط سعر الفائدة على سندات الخزانة سيكون في حدود 14.7% خلال العام المالي الجاري.