أعلنت الحكومة الألمانية اعتزامها استثمار ثلاثة مليارات يورو إضافية في تطوير الذكاء الاصطناعي حتى عام 2025، وذلك بعد أسبوع واحد من كشف الصين عن أول مذيع أخبار آلي يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي في العالم، حيث استطاع المذيع المُلقب بـ”إي آي” قراءة الأخبار مُستنسخًا قدرة مقدم النشرات الحقيقي.
والذكاء الاصطناعي هو قدرة الآلة على محاكاة العقل البشري وطريقة عمله، مثل قدرته على التفكير، والاكتشاف والاستفادة من التجارب السابقة، ورغم فوائده العظيمة إلا أن التخوف الرئيسي من تطور استخدامات الذكاء الاصطناعي هو أن يحل الروبوت محل الإنسان.
برينجولفسون، خبير اقتصادي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، ومشارك في تأليف كتاب عصر الآلة الثاني، وهو الكتاب الذي يتساءل ما الوظائف التي ستتبقى بعد انتشار استخدام البرمجيات، يرى أن أول المطرودين من سوق العمل سيكونون السائقين والمترجمين، بعدهم يأتي العمال في خطوط التصنيع، الذين يقومون بمهام متكررة غير مُميكنة، والمحاسبون ووكلاء السفر وموظفو خدمة العملاء.
ويتوقع برينجولفسون أنت تفني تقنيات الذكاء الاصطناعي نصف الوظائف التي توجد في الولايات المتحدة خلال عقدين، كما يتوقع أن يتضاعف معدل إحلال الآلات محل البشر ارتباطًا بتضاعف قدرات معالج الكمبيوتر (البروسيسور)، والذي يتضاعف في القدرة كل 18 شهرًا، و10 أضعاف كل خمس سنوات، وهو أمر يحدث أسرع بكثير وأكثر انتشارًا من ذي قبل، فقد كان المحرك البخاري طفرة ملحوظة وقد فجّر الثورة الصناعية، ولكن تضاعف في القدرة والكفاءة تقريبًا مرة واحدة كل 70 عامًا وأربعة أضعاف بعد 140 سنة”.
ويقول الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، فاسيلي ليونتيف، “دور البشر الذين هم أهم عامل للإنتاج يتقلص بنفس الطريقة التي تقلص بها سابقًا دور الخيول في الإنتاج الزراعي ثم تم القضاء عليه بإدخال الجرارات”.
من ناحية أخرى يتوقع البعض ألا يقضي الذكاء الاصطناعي على وظائف البشر تمامًا، حيث تقول البروفيسورة دانييلا روس: “إن توظيف الذكاء الاصطناعي لا يعني الاستغناء أو القضاء على الوظائف التي يقوم بها البشر، فهو يسهم في تحسين قدراتنا في التنبؤ وربط النتائج من خلال معالجة البيانات الضخمة، لكنه يواجه صعوبات في القيام بالأعمال التي تتطلب إتمام كل مهمة على حدة، وبالتالي فإن الذكاء الاصطناعي يساعدنا على التركيز على الأمور التي نعتبرها أكثر أهمية، ويوفر علينا الكثير من الوقت والجهد”.
ومن ناحية أخرى فإن التقدم التكنولوجي كما يقضي على بعض الوظائف يخلق أخرى، فالذكاء الاصطناعي أوجد الحاجة إلى مختص البيانات، الذي سيقوم بجمع وتحليل البيانات من الإنترنت، ومدير تطوير أعمال الذكاء الاصطناعي، وهو المدير التنفيذي المسؤول عن استراتيجية الذكاء الاصطناعي والتنفيذ في المؤسسة.
وقد قام باحثون من (PwC) بإجراء أبحاث على سوق العمل الانجليزي، وأشاروا إلى نتائج الذكاء الاصطناعي هو توزان الوظائف، فقد يلغي التشغيل الآلي في الشاحنات والمصانع وأماكن أخرى حوالي 7 ملايين وظيفة حالية في المملكة المتحدة بحلول عام 2037. ولكن زيادة الروبوتات وبرامج التعلم الآلي ستجعل الدولة أكثر إنتاجية خلال العقدين القادمين، حيث ستنمو بمعدل 2٪ سنويًا لتعويض نفس عدد الوظائف في المنظومة، 7.2 مليون، بحسب تقديرات (PwC).
ويقول جون هوكسورث كبير الاقتصاديين في شركة (PwC): “هذه الوظائف الجديدة لن تشمل صنع الروبوتات أو وضع رموز للبرمجيات التي تقوم على الذكاء الصناعي، والتي ستشكل فقط حوالي 5 ٪ من العمالة، بل ستكون هناك حوالي 1.5 مليون أو 22٪ من الوظائف الجديدة في مجال الصحة والعمل الاجتماعي”. وبحسب ما قاله هوكسورث، “سيزداد الطلب في المجالات التي تتطلب لمسة إنسانية ويصعب تحويلها آليا”، ويضيف “سترد المزيد من أموال الضرائب إلى خزائن الحكومة، مما يعني المزيد من التمويلات لخدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة، وبالتالي تعيين المزيد من الموظفين”.
أيًا كان تأثير الذكاء الاصطناعي فعلينا الاستعداد لتقبل الواقع الجديد، فالتحول القادم سيؤثرعلى الجميع، حتى على الاستشاريين الذين يكتبون تقارير حول تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف.