حكى دكتور عبد المنعم إبراهيم، استاذ التاريخ بجامعة الفيوم على قناة المصرية اليوم حكاية طبق المكرونة الذى كان ثمنًا لامتيازات كثيرة لقناة السويس حصل عليها ديلسيبس.
فأكد إن محمد على حاول من قبل شق قناة السويس ولكن بشرطين الأول هو أن تضمن القوى العظمى حيادية القناة، وبالتالى استقلال مصر، والشرط الثانى هو أن تمول القناة بالكامل من الخزانة المصرية، وبالطبع كان الشرطان مستحيلين فلم يتم المشروع، وكان الشرطان ضمانًا لمحمد على ضد أطماع القوى الاستعمارية.
وتم الاتفاق فى عهد الخديو سعيد.
كان الخديو سعيد الذى وقع على اتفاقية حفر قناة السويس مشهورًا بالبدانة، إضافة إلى حبه وولعه الشديد بالأكل وفى ذلك الوقت كانت المكرونة الاسباجتى اختراع جديد.
ولأنه كان يعتبر نفسه أول خديو مصرى يحكم مصر، فلم يشعر فى لحظة أنه ألبانى من سلالة محمد علي.
وكان صديقه المقرب إليه «فرديناند ديليسبس» وتعود بداية صداقتهما بعد خروج الحملة الفرنسية عام ١٨٠١ وعودة نابليون إلى فرنسا وبعد استقراره بها بـ ١٣ شهرا أرسل دبلوماسيا اسمه ماتيو ديليسبس، لاختيار حاكم لمصر بعد أن قامت إنجلترا بتعيين البرديسى حاكمًا، ورشح محمد على للحكم، وبعد أن مات جاء ولده فرديناند ديليسبس كـقنصل فاستقبله محمد على استقبال الفاتحين.
اقرأ أيضًا: قناة السويس وقصة استغلال دليسيبس للخديو سعيد
وتوطدت الصداقة بين الدبلوماسى الفرنسى والأمير سعيد الذى لم يكن يعرف أن محمد على أراد أيضا أن يقوم ديليسبس بعملية تخسيس صعبة للأمير، الذى كان سمينا إلى الحد الذى أقلق الباشا على مستقبل ابنه، ومن هنا بدأ ديليسبس برنامجا رياضيا شاقا يرويه بالتفصيل فى مذكراته التى تعرضها الوثائق كاملة، وتكشف الوثائق أن محمد على أصدر أمرا بمنع طبخ أو تناول المكرونة فى القصر حتى لا يغرى ذلك الأمير الذى كان يعشق المكرونة.
ولكن ديليسبس كان يسمح للأمير الشاب بتناول أطباقه المفضلة من المكرونة خلسة دون علم الأب، متحملا بذلك مسؤولية خطيرة أمام الباشا.
ومرت الأيام وولى عصر محمد على ثم عباس حلمى الأول وجاء سعيد الى الحكم فى وقت كانت أسرة ديليسبس تعانى الفقر، والعزلة منذ سقوط إمبراطورية نابليون، فما كان من ديليسبس إلا أن ركب أول سفينة متجهة للإسكندرية ليصل فى صباح السابع من نوفمبر عام ١٨٥٤ ويلتقى بالأمير الذى أصبح عزيز مصر فى خيمة بصحراء العامرية بالقرب من الإسكندرية فى ١١ نوفمبر، وهنا يعرض ديليسبس مشروع حفر القناة على سعيد الذى قبل فورا ما رفضه والده، وكأن سعيد أراد أن يعبر عن امتنانه لمن قدم له طبق المكرونة الممنوع، والواقع أن هذه القصة تكشف أن سعيد الذى كان بالفعل أول من أدخل العنصر القومى المصرى فى الجيش، وكان مولعا بجيشه لم تكن لديه أية مصادر مالية للمشروع، ولم تكن لديه أى قوة سياسية، فوافق على امتيازات مجحفة نظير تمويل عملية حفر القناة، وهذا هو بعينه الذى جعل المؤرخين يعتقدون أن ديليسبس استطاع الحصول على امتياز حفر القناة بفضل طبق المكرونة.