انطلقت صباح اليوم الأحد، أعمال الحوار الاستراتيجى “المصرى – الأمريكى”، بالقاهرة، بين وزير الخارجية سامح شكرى، ونظيره الأمريكى جون كيرى، حيث من المقرر بحث مجموعة من الملفات ذات الاهتمام المشترك.
جاء ذلك بعد أن أعلنت واشنطن مؤخرا عن تسليم القاهرة عددا من طائرات الـ “إف 16”، وقررت استئناف مساعداتها العسكرية والاقتصادية، والبناء على الجوانب الإيجابية فى العلاقات الثنائية.
وصرح مراقبون للعرب اللندنية، إنّ اللقاء سيركز بشكل كبير على محاربة داعش وإحلال السلام فى المنطقة، لافتين إلى ضرورة أن يتم التعامل بفاعلية مع نتائج الحوار الاستراتيجى والبناء عليها بشكل سليم.
وأوضحوا “أنّ مصر مطالبة بأن تجنى الكثير من الحوار وتقرأ جيدا ما بين السطور بشأن ما يمكن أن تربحه من أميركا، وما يمكن أن تقدمه في المستقبل”.
وتابع آخرون، أن هناك مخاوف ألاّ تكون الحكومة المصرية قد أعدت أجندة محددة للحوار، وطالبوها بالضغط على الولايات المتحدة لتحصل على مقابل للاتفاق النووى الإيرانى، وبأن تطالب بتطبيق معاهدة منع انتشار النووى في الشرق الأوسط على إسرائيل، وأن يتحول ذلك إلى مطلب عربى تتبناه القاهرة.
وصرح السفير بدر عبدالعاطى، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، أنّ المناقشات تضم لأول مرة ممثلين رفيعى المستوى من كل الوزارات والإدارات المعنية بالعلاقات المشتركة، بجوانبها، الاستثمارية والعلمية والتعليمية والصناعية والزراعية.
وأوضح أنّ أعمال الحوار تبدأ بجلسة افتتاحية، تشمل كلمة لوزيرى خارجية البلدين، قبل انتقال أعماله إلى جلسات مغلقة، ينقسم فيها إلى لجنتين تعملان بالتوازى مع بعضهما البعض، ستتناولان بحث المسائل الفنية وتقييم مجمل العلاقات الثنائية، وفى الوقت نفسه سيستمر الحوار برئاسة وزيرى خارجية البلدين، ويختص بمناقشة الموضوعات السياسية العامة.
وأضاف عبدالعاطى أنّ الحوار سيتناول بالتفصيل العديد من القضايا الإقليمية والدولية، ومن بينها موضوع الإرهاب، والاتفاق النووى الإيرانى، وإصلاح مجلس الأمن الدولى وتوسيعه، بالإضافة إلى التطرّق إلى تطورات الأوضاع في كل من ليبيا واليمن والعراق وسوريا، والتطورات على الساحة الأفريقية بشكل عام.
وأشار إلى أنّه في ختام اجتماعات اللجنتين الفرعيتين، سيتم رفع تقرير إلى الوزيرين خلال اجتماعات اللجنة العامة بكامل هيئاتها مرة أخرى، واعتماد التوصيات عند ختام هذه الجولة من الحوار الإستراتيجي، والتي تنهى أعمالها بمؤتمر صحفى لوزيرى الخارجية شكرى وكيرى.
وذكرت الخارجية الأميريكة، أنّ الحوار سيؤكد من جديد الشراكة المستمرة التي تربط الولايات المتحدة بمصر منذ زمن طويل، وهو فرصة لمناقشة مواضيع عدة، في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية، بما يعزز القيم والأهداف والمصالح المشتركة.
وقال مسؤول أمريكى، إنّ الحوار الإستراتيجي يأتى في المقام الأول لتقييم العلاقات بين البلدين والعمل على تطويرها، وأن واشنطن لم تخسر القاهرة، كما ادعى البعض، والروابط بين الشعبين قائمة، ولم يتم التراجع إلى الخلف. ورغم أنّ العلاقات الآن ليست مثالية، إلاّ أنها تتحسن تدريجيا، وحتى فى الأوقات الصعبة كانت واشنطن تؤكد دائما أنّ أمن مصر من أمن المنطقة
وشدد على أنّ الولايات المتحدة لم تتخل عن مصر فى حربها على الإرهاب، وأنّ هنالك تعاونا أمنيا مستمرّا بين البلدين.
ونفى المسؤول حدوث تهاون أميركى فى ملف حقوق الإنسان، باعتباره أحد أهم الملفات الخلافية، وقال “واشنطن لن تترك ملفات حقوق الإنسان، ولا الخطوات التى تتخذها فى هذا الإطار، وهى تطالب بالتسريع بإجراء انتخابات برلمانية، كما أنّ مساعد وزير الخارجية الأميركي المكلف بملف حقوق الإنسان سيكون حاضرا خلال جلسات الحوار الإستراتيجى بالقاهرة”.
حول تأثير الاتفاق النووى الإيرانى على العلاقات مع القاهرة، خاصة أنّ أمن مصر يرتبط بأمن الخليج العربى الرافض للاتفاق، قال المسؤول الأميركى إنّ كيرى سيتوجه إلى الدوحة، عقب زيارته للقاهرة، وسيلتقى بوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يؤكد أنّ المشاورات مازالت مستمرة بين واشنطن وزعماء دول الخليج.
وأضاف أنّ واشنطن تسعى من جهة أخرى إلى دعم مصر فى مجال مكافحة الإرهاب، وهذا ما أوضحه أوباما أكثر من مرة، ملفتا إلى أن أميركا تقدم مساعدات إلى القاهرة فى هذا المجال، دعما للشعب المصرى، مؤكدا أنّ الولايات المتحدة لا يمكن أن تخاطر بفقد حليف استراتيجى في المنطقة مثل مصر، لأسباب سياسية، فى وقت تتعاون فيه القاهرة مع حلفاء واشنطن فى حلف شمال الأطلسي (ناتو) فى قضايا مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وقال “الجديد فى السياسة الخارجية أن تجد دولتين تتفقان فى نقطة، وتختلفان فى نقاط عديدة أخرى، لكنهما تتعاونان فى ملفات معينة دون تعارض، لذلك قد نجد تعاونا بين القاهرة وواشنطن فى قضايا مكافحة الإرهاب، على الرغم من الاختلاف فى قضايا أخرى تتعلق بحقوق الإنسان”.
وقال مصدر مطلع للفجر، إن مصر وأمريكا ستبحثان سبل حل الأزمة السورية، ووضع خطة شاملة للقضاء على تنظيم داعش فى سوريا، مع وضع جدول زمنى لانتقال السلطة إلى فصيل معتدل تدعمه حكومات المنطقة، على أن يكون الرئيس السورى بشار الأسد خارج المعادلة، وستتولى مصر إقناع روسيا بالخطة.