قبل أن تعلن الحكومة عن خطوات خفض الدعم منذ نحو عامين، دافعت عن خطواتها بأنها ستتضمن حماية للفقراء وتوصيل الدعم لمستحقيه، كما أن المبالغ التي من المقرر أن توفرها من قرارات رفع الأسعار وخفض الدعم سيتم استخدام جزء منها في مساعدة الفقراء عبر الدعم النقدي وزيادة برامج الحماية الاجتماعية.
وكانت هذه التعهدات من محاور الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 12 مليار دولار، الذي يحث الحكومة باستمرار على المضي قدمًا في رفع الدعم، وحماية الفقراء، إلا أن الأمر سقط من حسابات الحكومة كما توضح موازنة العام المالي المقبل حيث لم تتضمن برامج الحماية الاجتماعية زيادات تذكر في مقابل خفض دعم المواد البترولية والكهرباء، الأمر الذي يؤثر سلبًا على أوضاع الطبقة المتوسطة والأقل دخلا في مصر .
وبينما تضمنت البيانات الأولية التي مازالت تحت الدراسة من قبل مجلس النواب خفض دعم الوقود بنسبة 19.1% ليصل إلى 89.08 مليار جنيه، وخفض دعم الكهرباء بنحو 46.4% ليصل إلى 16 مليار جنيه في العام المالي 18/2019، جاءت موازنة برامج الحماية الاجتماعية والتي تشمل برنامج تكافل وكرامة مرتفعة بنسبة 0.5% فقط لتصل إلى 298.94 مليار جنيه، بينما جاء دعم السلع التموينية مرتفعًا بنسبة 36.6% ليسجل 86.18 مليار جنيه.
وتشير هذه الأرقام إلى صعوبات بالغة تواجهها الطبقات المتوسطة والأقل دخلا في مصر وهي التي تحملت الجزء الأكبر من عملية الإصلاح خلال الفترة الماضية، خاصة وأن رفع الدعم عن الكهرباء والبترول يتبعه زيادة في سلع كثيرة أخرى ترتفع تكاليف نقلها وتصنيعها.
وفي مؤتمر صحفي على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين خلال الأسبوع الجاري، لم يخض جهاد أزعور مدير مكتب صندوق النقد الدولي بالشرق الأوسط، في تفاصيل برامج الحماية الاجتماعية، مكتفيًا بالإشارة إلى أن الطبقة المتوسطة تحملت “تضحيات” خلال فترة تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، وأنها ستستفيد خلال الفترة المقبلة مع تحسن الأوضاع الاقتصادية .
وألقي صندوق النقد الدولي مجددا بالكرة في ملعب الحكومة، فيما يتعلق بدعم الوقود المقرر أن يتم خفضه بنسبة 26% خلال العام المالي الجديد، حيث قال أزعور إنه لا يمكن للصندوق تحديد آلية أو موعد تحريك سعر الوقود، لكنه أكد أن ملف دعم الوقود سينتهى تمامًا بنهاية عام 2019 مع الانتهاء من البرنامج المقرر.
ورغم قدرة الحكومة على الوصول ببعض الدعم لشريحة تتجاوز مليوني أسرة من خلال برنامج تكافل وكرامة الذي يستفيد منه نحو 2.4 مليون أسرة وفقًا لتصريحات وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، إلا أن المبالغ التي يحصلون عليها قد لا توفر لهم الحد الأدنى من المعيشة الكريمة في ظل انخفاض القدرة الشرائية للعملة المحلية وارتفاع تكاليف معظم الخدمات والسلع منذ تعويم العملة المحلية.
وتبلغ قيمة الدعم المقدم لمعاش تكافل 325 جنيها في الشهر، بالإضافة إلى 60 جنيها لطفل المرحلة الابتدائية، و80 جنيها لطالب المرحلة الإعدادية و100 جنيه للمرحلة الثانوية وكان يصرف سابقا بشكل تراكمي كل 3 أشهر عن طريق الأم، شرط استمرار الأبناء في المدرسة وتلقيهم خدمات صحية، إلا أنه بعد قرار تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي بدأت الحكومة في صرفه شهريا. بينما يمنح برنامج كرامة مساعدات نقدية شهرية، بمبلغ 350 جنيها لكبار السن، فوق 65 عاما، ولمن لديهم عجز كلي أو إعاقة، ولا يستطيعون العمل، أو ليس لديهم دخل ثابت.
وأظهر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع نسبة الفقراء إلى 27.8% خلال عام 2015 مقابل 25.2% عام 2010- 2011، وذلك وفقا لبحث الدخل والإنفاق، مشيرًا في آخر إحصاءاته إلى زيادة نسبة الفقر المدقع لتصل إلى 5.3% من السكان خلال عام 2015. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسب مع البحث الجديد لنسب الفقر خلال عامي 2016 و2017.