قال رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين إن العلاقات بين مصر وإثيوبيا تطورت كثيرا منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي لسدة السلطة، في يونيو الماضي، لافتا إلى أن أديس أبابا تستهدف الوصول إلى مستوى ” الشراكة ” مع القاهرة .
وأضاف في مقابلة مع وكالة “الأناضول” أن السيسي أكد له ” التزامه بأن سياسة المحاور التي كان ينتهجها أسلافه قد انتهت”.
وإلى نص المقابلة :
كيف تنظرون إلى علاقات بلادكم مع مصر؟
** علاقاتنا مع مصر تاريخية ومتجذرة، ونحن نعمل على توطيد هذه العلاقات حاليا. وفي السابق، كانت هناك ممارسات خاطئة نتيجة سياسات الأنظمة السابقة في مصر، ففي عهد الرئيسين حسني مبارك (تنحى في 2011 إثر ثورة شعبية)، ومحمد مرسي (أطاح به الجيش بعد مظاهرات حاشدة في 2013) تدهورت العلاقات، حيث انتهجا سياسات إلحاق الضرر وزعزعة الاستقرار في إثيوبيا من خلال استخدام مجموعات معارضة مسلحة والعمل مع النظام الإريتري لتهديد أمن إثيوبيا، وأدت هذه السياسات إلى توتر في العلاقات وكانت لها اثار سلبية حتى على علاقات الشعبيين.
هذا عن الماضي، ماذا عن الحاضر؟
** بعد لقائي في ملابو (عاصمة غينيا الإستوائية) مع الرئيس عبد الفتاح السيسي (على هامش القمة الأفريقية أواخر يونيو) بدأت مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، وتوجد بيننا تفاهمات انعكست على مختلف مجالات العلاقات التي شهدت نقلة كبيرة، وأنا اشارك الرئيس السيسي في إقامة علاقات نموذجية ترقى بالعلاقات التاريخية بين البلدين إلى أفضل مستوياتها.
وأبدى الرئيس السيسي إلتزاما قويا بتعزيز العلاقات وأنا بدوري أكدت له ضرورة أن نعمل سويا من أجل بناء علاقات ترتقي إلى الشراكة، واتفقنا على مبدأ علاقات يكون فيها الكل رابحا وتحقق الإستفادة العادلة من الموارد المشتركة بيننا، ومن ناحيتي، جددت أكثر من مرة إلتزامنا بعدم إلحاق أية أضرار بمصر، والقاهرة لا تنكر أحقية إثيوبيا في أن تستفيد من مواردها.
هل هذا يعني أنكم تجاوزتم أزمة الثقة مع مصر واتهامكم إياها بزعة استقرار البلاد عبر العمل مع إريتريا التي زار رئيسها القاهرة؟
** نعم هناك بناء ثقة مع السيسي الذي أكد لي التزامه بأن سياسة المحاور التي كان ينتهجها أسلافه قد انتهت. أما فيما يتعلق بعلاقة مصر مع إريتريا، فأنا أعتقد أن هذا قرار سيادي يعني الدولتين. وفي السابق، كانت تحفظاتنا على أن بعض العلاقات التي كانت تقيمها إريتريا مع الأنظمة المصرية السابقة كانت تستهدف إثيوبيا. أما الآن، فنحن نثق في تأكيدات الرئيس عبد الفتاح السيسي ونعتقد أن أي دولة من حقها إقامة علاقات مع دولة أخرى.
كثر الحديث حول القمة المرتقبة بينكم وبين الرئيس المصري.. ماذا عن ذلك؟
** تم الاتفاق على عقد قمة بيننا قريبا لتكملة اللقاءات السابقة التي بدأناها في ملابو، وتوجد بيننا اتصالات وأصدرنا توجيهاتنا لتعزيز العلاقات بين البلدين في كافة المجالات.
ماذا عن خطوات بناء سد النهضة؟
** العمل في سد النهضة (على النيل الأزرق) يسير وفق الخطة المرسومة له ولقد تم انجاز 40% منه، وسيتم استكمال العمل حسب الجدول الموضوع له، ونتوقع أن يتم توليد كهرباء من السد قريبا.
وحتى الآن، لا توجد أي تحديات والطاقة المتجددة التي سينتجها السد طاقة صديقة للبيئة، وسيكون لها اثار ايجابية على التنمية في إثيوبيا والدول المجاورة.
كما أن التعاون (بخصوص سد النهضة) بين مصر واثيوبيا والسودان يشهد تطورا، وهناك تعاون وتنسيق وتفاهم واللجان الفنية تعمل من أجل تنفيذ التوصيات والملاحظات التى تقدم من اللجان المتخصصة.
لكن المصريين يتخوفون من تأثر حصتهم من المياه (55.5 مليار متر مكعب سنويا) جراء بناء السد؟
** في اعتقادي أن انسياب المياه (في النيل الأزرق أحد روافد نهر النيل) أمر طبيعي ولا يمكن أن يتوقف ونحن لا نستطيع ايقافه اطلاقا، وكل ما في الأمر أننا سنقوم بمل السد أثناء جريان المياه من دون توقفها، والتخوفات المصرية ناتجة عن المفاهيم الخاطئة التي رسختها الأنظمة السابقة، وكذلك الإعلام الذي ينقل معلومات مغلوطة.
سد النهضة سيتم الاستفادة منه في توليد الطاقة الكهربائية ومحاربة الجوع والفقر، وليس له أية تأثيرات على حصة مصر والسودان من المياه، ونحن أكثر من غيرنا نتفهم مطلب الشعب المصري لأننا عانينا من الجوع والعطش (في السابق)، والتنمية والحياة الكريمة يجب أن يكونا حق لدولتي مصب نهر النيل (مصر والسودان) والمنبع معاً.
هل هذا التقارب بينكم ومصر هو خصما من رصيد العلاقة مع السودان؟
** لا .. السودان شريك حقيقي ودوره إيجابي في علاقاتنا مع القاهرة، ويلعب دورا مقدرا في تعزيز علاقات الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، كما أن علاقتنا مع السودان علاقة استراتيجية وأنا على اتصال مباشر مع الرئيس عمر البشير، ويوجد بيننا اتفاق من أجل اقامة تعاون أخوي صادق بين الدول الثلاث .
كيف تنظرون الى العلاقات الإثيوبية التركية؟
** العلاقات التركية الإثيوبية بصورة خاصة والتركية الأفريقية بصورة عامة متطورة، كما أن علاقاتنا مع أنقرة ارتقت إلى مستوى شراكة استراتيجية بين البلدين، وتعيش هذه العلاقات عصرها الذهبي في كافة المجالات.
وتركيا ترتبط بعلاقات ذات خصوصية مع أفريقيا والتعاون التركي الأفريقي سيشهد نقلة كبيرة في الفترة القادمة وستنعقد القمة الأفريقية التركية قريبا، ما سيدفع بالعلاقات إلى افاق أرحب.
وبهذه المناسبة، أجدد التهاني للرئيس رجب طيب أردوغان لتوليه رئاسة الجمهورية التركية، ونحن نقدر لأوردغان دوره في تعزيز العلاقات مع إثيوبيا خاصة وأفريقيا عامة، ونحن تلقينا نبأ تولي أحمد داوود أوغلو رئاسة الوزراء ببالغ الارتياح، وتربطنا معه علاقات خاصة وعملنا سويا في المحافل القارية والدولية، ونحن نعتقد في إثيوبيا وأفريقيا عموما بأن وجود أوردغان وداوود أوغلو معا على رأس السلطة الرئاسية والتنفيذية بتركيا مكسبا كبيرا لأفريقيا؛ لأنهما مهندسي العلاقة التركية الأفريقية.
وأنا اتطلع إلى تعميق العلاقات مع تركيا التى تبذل أقصى جهدها لدعم إثيوبيا، وهناك مرتكزات تاريخية للعلاقات الاثيوبية التركية المبنية على أسس قوية، إذ يعتبر التمثيل الدبلوماسي بين البلدين من أقدم العلاقات الدبلوماسية حيث انشأ في وقت مبكر منذ العام 1896 في عهد السلطان عبدالحميد الثاني، وكان افتتاح أول قنصلية تركية بإثيوبيا في العام 1912، وافتتحت السفارة التركية بأديس أبابا في العام 1926 كاول سفارة لتركيا في دول أفريقيا جنوب الصحراء.