المشهد 1 نهار داخلي في منزل والدي
أنا: هادي صوتي لحمدين طبعا مفيهاش كلام
أختي موجهة الكلام لابي: سيبك منها يا بابا بنتك ده حمارة ومخها جزمة
أنا: أومال هتدي صوتك لمين
أختي: لأحمد شفيق طبعا أصلا حمدين بتاعكم ده مش هيكسب
اعترف انا من عائلة فلولية باقتدار، والوحيد الناصري فيها كان جدي رحمة الله عليه، كان أحد جنود الفلوجة فعشق عبد الناصر بجنون وأطلق اسمه علي والدي، وكان رأيه في عبد الناصر أنه مجنون غير وجه التاريخ، ونعود لاختي الصغري، هي فتاة جامعية نالت حظها من التعليم المجاني، وكائن بيتوتي من كلمة “بيت” بامتياز ربة منزل ممتازة، في التاريخ لا تستطيع التفريق بين أحمد عرابي وسعد زغلول “حقيقة”، حصلت علي بكالوريوس التجارة، وظلت في المنزل، تحاول الحصول علي عمل ولكن حكومي على طريقة “ّذات”، لا تعرف في السياسة شئ سوى أن أختها الكبرى تتظاهر وتم اعتقالها.
المشهد2 ليل داخلي غرفة نومي
كنت أهم بوضع جسدي علي السرير بعد مشاهدتي للجزء الاول من لقاء حمدين مع لميس الحديدي ومجدي الجلاد، هاتفي المحمول يرن بإزعاج فأقول بصوت عالي “مين ابن ……… اللي بيتصل دلوقتي؟” انظر علي الشاشة فأجد اسم دلع اختي يظهر، وزوجي يضحك علي ما نالته من سب.
أنا: في إيه يا بنتي حصل حاجة لابوك.
هي عبر الهاتف: لا بس كنت عاوزة أقولك لو أنا الوحيدة اللي هادي صوتي لحمدين هاروح انتخبه
ثم انطلقت في وصف لماذا تختار حمدين؟ ولكن الكلمة الأهم التي قالتها كلامه يدخل القلب ومش بيكدب، وتحول ذلك الكائن البيوتي إلي كادر سياسي لم تنخرط في العمل السياسي إلا أنها مثلا أقنعت والدي وكل عائلتي التصويت لحمدين، وعائلة خطيبها – الآن اصبح زوجها- بالتصويت لحمدين، ووضعوا علي باب منزلهم استيكر صوتي لحمدين صباحي، وجندت نفسها للدفاع عن حمدين عبر صفحات الإنترنت، تتصل بي لتسألني هي بنت حمدين خدت براءة ولا لأ؟ أو تتصل بعد منتصف الليل لتقول لي فيه صفحة باسم حمدين بس مش تبعنا وهتخسر حمدين.
قد تقولوا لي اختك معلوماتها ضعيفة ولا يؤخذ علي رأيها، أوافقكم الرأي، ولكن اختي مثال شهير لآلاف المواطنين المصريين، الذين بهدوء يستطيعون التمييز بين الكذب والصدق، يستطيعون من كلمة واحدة أن يحكموا على الشخص هل يشبههم أم لا، هل ينفذ برنامجه أم لا؟ هل سيحافظ عليهم أم لا؟
حين تحدث حمدين عن برنامجه وخاصة الجانب الاقتصادي عرفت أختي انه صادق، هي ليست خبيرة اقتصاد ولكنه قال برنامجه ببساطة، قال سأضع حد أدنى للاجور وقال طريقة تمويله، لم يقل كلاماً في الهواء ووعود حنجورية، قال لن اقيم حرب مع إسرائيل لان اقتصادي لن يسمح، ولكنه قال لن أقابلهم ولن يصفهم بالصديق العزيز، وهو يهتف في العلن على القدس رايحيين شهداء بالملايين.
المشهد 3 نهار داخلي المدرسة التي كنت مندوبة لحمدين بها
مندوبة عبد الله الأشعل رسميًا ومرسي وديًا: اللجنة شكلها مش تبعنا خالص
مندوبة مرسي الرسمية: اه حمدين شادد حيله قوي
المشهد 4 نهار داخلي نفس المدرسة لجنة ما فوق الـ40
القاضي: عاوزة تعلمي علي مين يا حاجة؟
ناخبة فوق السبعين: حمدين صباحي بتاع النسر
أنا: كنت عاوزة استأذن حضرتك الحصول على نتيجة الفرز بعد انتهاء اليوم لإن مالناش مناديب عن حضرتك.
القاضي: أنت مندوبة مين؟
أنا: حمدين صباحي
القاضي: باقولك إيه حمدين مالوش ولا مندوب هنا بس ربنا معاه قوي أنا باقولك كده لإن دي لجنة كبار في السن وبيطلبوا مني أعلم لهم.
كنت ليلة الانتخاب غير واثقة من نتيجة حمدين، وأدعو الله من كل قلبي أن نحصل علي مليون صوت حتى نحفظ ماء وجهنا، لأجد نفسي في نهاية اليوم الثاني اغيظ مندوبة عبد الله الاشعل الرسمية – كانت صديقتي في المدرسة- بأن حمدين اكتسح، وأعد نفسي لجولة أخرى من الانتخابات.
الكل يقول أن حمدين ليس له فرصة في هذه الانتخابات، هكذا ظننت في انتخابات 2012، ولكنه خالف توقعي، وفي 24 يناير 2011 إذا قال لي أحد إن العدد سيتجاوز المليون وإن مبارك سيتنحي بعدها بـ18 يوم كنت سأقول له بكل ثقة، إنت مجنون، ولكن إرادة الله جعلتها ثورة، وإرادة الله جلعت حمدين يفوز بـ 5 ملايين صوت بدلاً من مليون واحد، لا أنكر أحيانا أن اقول، إن الحال تغير ولكن حين يتسلل اليأس لقلبي أقول الكلمة التي قالها القاضي “حمدين ربنا معاه قوي” لأقتنع أن لله تدابير أخري تفوق توقعاتنا المحدودة.