كان العازف الأشهر على أوتار الأفكار، والساحر الأمهر للكلمات والعبارات.. استطاع ببراعة وبساطة وتفرد أن يقدم لنا أصعب وأعصى الموضوعات في كبسولات شافية كافية.. فتح بها لقرائه عوالم مختلفة، فعرفوا بقلمه مالم يعرفونه عن الفن والفكر والسياسة والطب والأدب والفلك والفلسفة والسحر والسفر والأزياء والأبراج.
لم يترك مجالا إلا وغزاه بعقله، فروض فروعه ببراعته، وصاغها في أبسط الجمل بقلمه، وقدمها على صفحات الجرائد والمجلات والكتب.
أنيس منصور الذى تختفى من أمام حروف اسمه كل الألقاب لأنها لا تليق به، فهو الأكبر والأشهر والأقدر في بلاط صاحبة الجلالة، نحتفل اليوم بذكرى ميلاده والتي نقدم لك فيها حقائق لا يعرفها الكثيرون عنه قد تفاجئك، وربما تصدمك، لكنها في كل الأحوال سوف تدهشك.. أقرأ واحكم..
يكتب حافيا ولا يشرب الماء إلا نادراً
يعرف الكثيرون عن أنيس منصور أنه لا يكتب إلا فى الصباح الباكر وهو مرتديا البيجامة وحافي القدمين.. لكنهم لايعرفون أنه لا يشرب الشاى أو القهوة إلا مرة واحدة وهو يكتب لذلك هو لايتناولها طوال النهار وكذلك نادراً ما يتناول الماء أيضا لأنها جميعا ارتبطت لديه بفعل الكتابة الذي يبدأ من الرابعة فجرا وينتهى مع العاشرة صباحا.
لم يتذوق اللحوم طوال حياته والسبب عقدة قديمة
لم يتذوق أنيس منصور اللحوم بمختلف أشكالها طوال حياته التي تخطت الـ87 عام، ولذلك سبب كتب عنه فى احدى مقالاته قائلا: أنا نباتى لم اذق اللحم في حياتي. فقد حدث يوم عيد الاضحى أن قفزت من سريرى لاعرف ما سبب الضجة أمام الباب.. وكنت في الرابعة من عمري، وعندما وجدت نفسي غارقا في دماء خروف يذبحونه من يومها لم أضع اللحم بكل أسمائه وألوانه وأحجامه في فمي.
عانى طوال حياته من فوبيا الغرق
برغم رحلاته في كل بلاد الدنيا التي اشتهر بها، وبالرغم من أنه قد رأى كل بحار الدنيا ومحيطاتها، لم يلمس مياهها يوما، فهو لا يجيد السباحة لأنه يخشى الغرق منذ أن تعرض له وهو فى سن الخامسة تلك التجربة المريرة التي حكي عنها فقال: “لم أنزل البحر فى حياتى منذ غرقت في النيل وأنا في الخامسه من عمرى حين رأيت زملائي وأقاربي الأطفال يسبحون فالقيت بنفسي في الماء، فقد فعلت بالضبط ما يفعله البط والاوز وغرقت كما لم يحدث لاى بطة او اوزة تسبح بحكم الغريزة بينما انا غرقت بحكم الطبيعة.. تماما كالاحجار التي تسقط في عمق النيل.
حاول الانتحار في المرحلة الثانوية لكنه فشل بسبب “حقنة”
– حاول انيس منصور الانتحار وهو فى المرحلة الثانوية ولقد حكى عن تلك التجربة المريرة فى إحدى لقائاته التليفزيونيه فقال إنه عندما كان فى المرحلة الثانوية كان متفوقا جدا على كل أقرانه، وعندما نجح فى الامتحان بتفوق لم يجد من يحتفل به فأمه مريضة، ووالده دائما على سفر؛ لذلك شعر بأنه لا معنى لهذا التفوق فقرر التخلص من حياته بالقاء نفسه في النيل وعندما ذهب الى احد كبارى المنصورة وقبل لحظات من تنفيذ قراره مرت بيه جاره لهم كانت ذاهبه الى منزلهم لتعطى والدته “الحقنه” فاستوقفته وسألته عن والدته، وقررت أن يصطحبها إلى المنزل فعاد معها ونسي ما كان ينتويه.
نجا من موت محقق راحت ضحيته “كامليا” عشيقة فاروق
وكما أنقذه مرض أمه في صباه من الانتحار كان السبب فى نجاته أيضا من موت محقق بعدما أصبح صحفيا، فقد كان مسافرا في إحدى رحلاته إلى أوربا وقبل سفره مرضت والدته في اللحظات الأخيرة فقام بإعادة التذكرة إلى شركة الطيران واشترتها الممثلة كاميليا التي اشتهرت بعلاقتها الغرامية مع الملك فاروق لتسقط الطائرة وتموت كاميليا بدلا من انيس الذي ذهب إلي مكان الحادث في اليوم التالي وكتب عن قصة الطائرة والضحية الشهيرة..
لم ينم إلا يوم واحد
انيس منصور لم يكن ينم سوى 4 ساعات يوميا ويؤكد ذلك قائلا:
لا أنام فى أحسن الظروف أكثر من أربع ساعات يوميا، ولم يحدث أن زادت ساعات النوم حتى مع استخدام المنومات على أربع ساعات ونصف، إلا مرة واحده فى حياتي كلها ولأسباب لا أعرفها حتى الآن، فقد نمت من الغروب إلى الشروق فى مدينة مانيلا بالفلبين وعندما صحوت على أشعة الشمس تلمست جسمى بيدى فقد ظننت أننى ميت وأن هذا هو يوم البعث ويومها أخرجت قلما وورقا وكتبت العبارة التى رأيت أن ينقشوها على قبري: فلان الفلانى ولد سنة كذا ومات سنة كذا ولم ينم إلا يوما واحدا.
كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين
مالا يعرفه الكثيرون عن انيس منصور أنه فى بداية حياته كان عضوا فى جماعة الإخوان المسلمين بإمبابه ويوضح منصور أسبابه فى إحدى مقالاته قائلا:
السبب أننى انتقلت من الحياة مع والدي في الزمالك إلى السكن وحدى في إمبابة، وفي إمبابه كنت أتردد على المقاهي ألعب الشطرنج، وهي لعبة تحتاج إلى تركيز يرهقني، فلم ألعبها كثيرا، ولم أتفوق فيها، لأننى دائم السرحان، وكان كل الذين يلعبون طلبة فى الجماعة وأعضاء في الإخوان المسلمين ووجدتهم قد اختاروني أمينا للمكتبة، هذه هى البداية وهى النهاية أيضا فقد كنا نلتقى فى المكتبه ونقفل علينا الأبواب ونتناقش فقد كانت المناقشات أعمق وأشمل وأعنف وكانت أصواتنا تتعالى وتضايق المصلين لأننا لا نصلى حاضرا معهم، ومرة لأننا نربكهم بأصواتنا العالية وهم يصلون، ثم إننا نسهر طويلا ونستهلك من الكهرباء دون أن ننتظم فى دفع الاشتراكات المقررة.. لقد صبروا علينا كثيرا وطويلا وأخيرا وجدت اسمى بين عشرين اسما على باب الجمعية مفصولين والإمضاء المرشد العام حسن البنا.
يعنى إيه كولونيا؟!
– أهم ما يلفت انتباه أى زائر لمكتب الكاتب الكبير هو زجاجات العطور الفارغة التي تحتل مكاناً متميزاً جداً على أرفف مكتبته الكبيرة.. حكى أنيس منصور قصته مع هذه الزجاجات فى حوار تليفزيونى فقال إنه في المرحلة الابتدائية كان يطلب منه أن يقوم برسم “زجاجة كولونيا” وهو لم يكن قد رأى من قبل هذا الشئ ولم يعرف سوى زجاجات الزيت والخل؛ لذلك أصبح يحتفظ بكل زجاجة عطر يشتريها أو تأتيه كهدية ولا يفرط فيها أبدًا.
أرقام في حياته
وعلى ذكر المكتبات فمكتبة أنيس منصور بها 70 ألف كتاب ويزيد.. ويمتلك 39 جواز سفر امتلئت صفحاتهم جميعا بالتأشيرات، فقد كان أول وآخر صحفى دار حول العالم وحده وبلا توقف 228 يوما ونشر رحلاته في كتاب حول العالم فى 200 يوم وهو أكثر الكتب العربية انتشارا منذ صدوره فى عام 1963 وكان ثمنه وقتها ستين قرشاً، والطبعة الفاخرة كانت بسبعين قرشاً، ولما نشرت الطبعة الثانية من الكتاب عن دار المعارف كان ثمنه جنيهاً، وتوالى نشره فى أكثر من دار حتى وصل سعره الآن إلى ما يزيد عن 60 جنيه.
تفرد
عمود مواقف الذى كتبه أنيس منصور على صفحات جريدة الأهرام كان ولا يزال من أقدم الأعمده وأطولها عمرًا، فقد بدأ فى كتابته عندما عاد للعمل فى الأهرام عام 1976 وظل يكتبه بشكل يومى حتى وفاته أى لمدة تزيد عن 35 عام.