يحكى القصة على لسان صاحبها الذى يقول: عندما كنت صغيرا كنت أخجل كثيرا من أمى ولا أحب أن يراها أحد فهى كانت ذات عين واحدة، وكان شكلها مرعب كثيرا بالنسبة لى ولمن حولى.
كنت اشمئز كثيرا من شكلها وكنت أتمنى أن تختفى ولا تظهر معى فى أى مكان.
وعندما كنت فى المدرسة الإعدادية كنت أمنعها دائما من القدوم معى حتى لا يراها أصدقائى ويسخرون منى.
و لكنها قد أتت فى يوم دون علمى ورأها جميع أصدقائى، تجاهلتها وحاولت الهرب منها وتظاهرت أنها ليست أمى وأنى لا أعرفها.
فقد كان منظرها مخيف ويدعو للسخرية، كما أنها كانت تعمل كخادمة عند بعض المدرسات، وذلك لكسب المال لدفع مسئوليات منزلنا.
وعندما رأها أصدقائى ضحكوا منها كثيرا وقال لى أحدهم: ها ها ها أمك ذات عين واحدة. يومها حزنت كثيرا وذهبت مساءا إلى البيت مشتغلا غضبا، ودخلت على أمى وقلت لها فى قسوة: لماذا اتيتى اليوم إلى مدرستى؟ تعمدتى أن تتسببى فى إحراجى وإهانتى؟ لماذا لا تموتى وتختفى من هذا العالم ؟!
يومها بكت أمى كثيرا، وعندما دخلت إلى غرفتى كنت لازلت أسمع صوت بكائها، ولكنى لم أهتم على الإطلاق، كنت قد كرهتها من زمن وكنت بالفعل أريدها أن تموت وتختفى حتى أرتاح من منظرها الذى يسبب لى الإحراج دائما.
فكرت فى العمل حتى استطيع التخلص منها والهرب من هذا المنزل الكئيب وأن أقوم بتأسيس حياة جديدة لنفسى بعيدا عنها، وبالفعل قد حصلت على عمل بمرتب جيد، وفى خلال سنه كنت تاركا المنزل وذاهبا إلى سنغافورة، وبعد فترة تزوجت وأصبح لدى أولادى وحياتى الجميلة الهانئة، وتركت أمى تماما، ولم أسأل عنها ولا يوم، وقد نسيتها تماما، وكنت سعيدا كثيرا بحياتى الجديدة الجميلة وزوجتى الجميلة الهادئة وأولادى.
وذات يوم رن جرس باب منزلى فقام أولادى بفتح الباب، وارتعبو كثيرا من منظر القادم، نظرت فإذا بها أمى ذات العين الواحدة ولم أكن قد رأيتها منذ سنوات وسنوات.
غضبت كثيرا وصحت فيها قائلا: ما الذى أتى بك إلى هنا؟ اغربى عن هذا المنزل ولا تأتى إليه يوما أبدا. قد أرعبتى أطفالى وأيضا أتيتى دون استئذان. اذهبى من هنا. بكت أمى وذهبت فى صمت!
مر أسبوعين ثم استلمت جوابا من المدرسة يدعونى إلى القدوم لحفلة لم الشمل، وبالفعل ذهبت إلى مدرستى القديمة وحضرت الحفلة مع زملائى، و بعد انتهاء الحفلة ليلا قادتنى قدمى إلى كوخى الصغير المقارب من منزلنا القديم أنا وأمى.. ذهبت إلى هناك لأستعيد الذكريات الحزينة فى هذا الكوخ، فإذا بى أرى أحد زملائى قادما من بعيد يقول لى أنه قد بحث عنى كثيرا ليعطينى هذا الجواب من أمى ويقول لى خبرا أنها قد ماتت منذ أسبوع.
تسلمت الجواب وقرأت ما فيه، فقد أرادت أمى أن توصل هذة الرسالة إلى قبل وفاتها، ولكنها لم تستطع, كان الجواب يقول : ”علمت أنك قد قدمت إلى مدرستك القديمة لحفلة لم الشمل وكنت أريد أن أراك، ولكنى لم استطع النهوض من فراشى. أنا أموت الآن وأريدك أن تعلم السر الذى أخفيته عنك طوال حياتك حتى لا تتألم.
عندما كنت صغيرا قد حدثت لك حادثة وفقدت على إسرها إحدى عيناك، ولم استطع أن أراك تكبر وتنمو بعين واحدة، ولذلك قمت بإعطاء إحدى عيناى إليك، وكنت سعيدة كثيرا لأنى أرى ابنى الجميل يرى الدنيا من خلال عينى. وكنت فخورة بذلك كثيرا مع حبى . . امك . .”
أنا نادم كثيرا يا أمى، ولكن بماذا ينفع الندم الآن ؟! سامحينى يا أمى.