قصتنا قصة حقيقية تحكيها طبيبة نفسية حدثت مع إحدى مرضاها.
تقول الطبيبة أنه فى يوم من الأيام أثناء استقبالها لمرضاها فى عيادتها الخاصة وجدت سيدة صغيرة يبدو عليها الحزن والقلق، فرحبت بها وأدخلتها غرفة الكشف، وطلبت منها أن تحكى لها مشكلتها.
قالت السيدة أنها مطلقة منذ عدة أشهر وأن طفلتها الصغيرة بدأت تظهر عليها بعض العلامات الغريبة بعد الطلاق. فهى كثيرة الشرود والسرحان وانخفضت درجاتها فى الدراسة كثيرا.
وبدأت المرأة فى البكاء وهى تقول: كما أنها لم تعد تقول لى يا أمى! وبدأت تسألنى كثيرا من أمى الحقيقية؟! من التى ولدتنى؟! هل أنت أمى حقا ؟!
قالت الأم أنها لم تهتم لهذه الأسئلة فى بادئ الأمر، ولكن بعد ذلك بدأت تشعر بشئ غريب؛ فالابنة لم تعد تقبلها قبل النوم يوميا كعادتها ولم تعد تطلب منها شيئا أبدا، واستمرت الأسئلة وتعددت، ولم تسمع كلمة أمى مرة ثانية من البنت على الإطلاق.
صارت الطفلة مشوشة اجتماعيا ونفسيا، وقامت بالبعد عن جميع أصدقائها، بل وأصبحت عنيفة وتضرب عرائسها وتكسر ألعابها باختصار تغيرت البنت تماما ولم تعد الأم تقدر على السيطرة عليها.
سألت الطبيبة الأم عن ظروف الطلاق وماذا حدث .. استطردت الأم قائلة إن زوجها كان يضربها أمام الطفلة وكان يقوم بإهانتها ولذلك قد فضلت الطلاق.
طلبت الطبيبة من الأم أن ترى البنت لتتحدث معها، وهكذا تم تحديد موعدا آخر للقاء بالطفلة المسكينة.
وبعد مرور يومين أحضرت الأم الطفلة، ورحبت بها الطبيبة وجلست للتحدث معها والدردشة. بدأت بسؤال الطفلة عن دراستها وأصدقائها، وكانت الطفلة حذرة جدا ترد على الأسئلة فى خوف وقلق فى بادئ الأمر ولكن مع الوقت بدأت تتحدث براحة واستفاضة مع الطبيبة التى أحست بحبها واهتمامها بها.
سألتها الطبيبة ماذا تفعلين عندما تذهبى مع والدك فى الأجازة الأسبوعية؟ قالت الابنة إنها تجلس معظم الوقت مع ( ماما سعاد ) – عرفت مؤخرا من الأم أن هذه هى زوجة الأب الثانية – سألت الطفلة ومن هى ماما سعاد؟ جاوبت الطفلة بكل تلقائية ويالدهشتى ودهشة الأم : ماما سعاد أمى الحقيقية التى ولدتنى وتحبنى.
انصدمت كثيرا لإجابة الطفلة وبدأت الأم المسكينة فى البكاء. والد الطفلة قد قام بتشويش عقل الطفلة بمحاولته قول أن زوجته هى الأم الحقيقية فأصبحت الطفلة مشوشة وتأخرت حالتها الدراسية والاجتماعية لأن جميع أفكارها و مبادئها التى تربت عليها منذ صغرها وعواطفها المتجهة عند أمها قد اختلفت فجأة، وتم توجيهها إلى أم أخرى مزيفة.
كما قام الأب بإجبار الابنة أن تنادى زوجته بماما سعاد، وعندما تنسى أو لا تفعل يقوم بعقابها وضربها بقسوة.
طلبت من الأم أن توصلنى بالأب لأتحدث معه, رفض فى البداية، ولكن مع إلحاحى وإلحاح الأم قد قبل مرغما، وبالفعل قمت بالتحدث معه لأسأله عن أحوال ابنته وسبب تغيراتها.
قال الأب أن طليقته لا تحب طفلتها لأنها طلبت الطلاق منه وجرحته، ولم تهتم به ولا بطفلته. فعلى الرغم من أنها تطعم الطفلة وتهتم بنظافتها وبملابسها إلا أنها قد حرمتها من أبوها، وطلبت الطلاق، ولذلك فالطفلة تستحق أم أفضل، وهى زوجته الجديدة التى يريد من الطفلة أن تعتبرها أمها الحقيقية وتحبها وتكره أمها.
الآن فقط فهمت ما حدث؛ قد جرح كبرياء الأب بسبب الطلاق، ولذلك أراد الزوج أن يقوم بالانتقام من الأم بهذه الطريقة. ولكن السؤال الأهم: ما هو الذنب الذى اقترفته الفتاة بحق أبويها ليقوما باستغلالها بهذه الطريقة فى الانتقام وتصفية الخلافات الشخصية؟!
اتقوا الله يا أيها الآباء واحفظوا النعمة التى أنعم الله بها عليكم, فكما أمر الله الأبناء ببر الوالدين قد مأر أيضا الوالدين ببر الأبناء عن طريق حسن التربية والاهتمام.