عندما انتهينا من صلاة الجمعة باﻷمس، سلم علي رجل وكنت عن يمينه وسألني: هل لديك حاجة فأقضيها لك ؟
قلت باستغراب : – كلا، شكرا لك أخي الكريم.
ثم التفت عن شماله فوجد عامل تنظيفات فسلم عليه وقال له مثل قولي ، فاحمر وجههه خجلا.
وهل يسأل عامل التنظيفات إذا كانت لديه حاجة ؟!
أخرج من جيبه مأواﻻ وأعطاه إياها ، فتهلل وجهه بالبشر والسرور وراح يدعو له من كل قلبه !
قلت له : – ومن حضرتك ؟
أجاب : – أنا أستاذ جامعي .
قلت له : – وهل تفعل ذلك كل يوم جمعة ؟
أجاب : – نعم ، ﻷنني ما أصبحت أستاذا جامعيا إﻻ بسبب تلك الإلتفاتة !
فقد كنت أصلي قديما في مسجد قريب من الجامعة والحزن باديا على وجهي بسبب وفاة والدي المعيل اﻷوحد لنا. التفت نحوي رجل كان يصلي بجانبي وسألني : – هل لك حاجة يا بني ؟
توسمت الخير في وجهه وقلت : نعم ، أريد أن أسدد أقساط جامعتي.
أجاب : – على الرأس والعين . دلني عليها واعطني اسمك بوضوح وغدا اذهب واستلم اﻻيصال . وكل عام أفعل لك ما سأفعله غدا إلى أن تتخرج بإذن الله.
إغرورقت عيناي بالدموع ودعوت له وقلت : – كيف أرد لك ذلك الجميل؟
أجاب : – عندما تتخرج وتعمل اسأل من يصلي معك بعد اﻻنتهاء من صلاة الجمعة نفس السؤال، وإذا علمت بأن لديه حاجة اقضها له إن استطعت، فتكون قد رددت لي الجميل !
وفعلا يا أخي فقد تعهد بسداد أقساط تعليمي حتى التخرج وعملت مدرسا جامعيا.
كنت أزوره نهاية كل عام ﻷزف له بشرى نجاحي إلى أن وافته المنية بعد تخرجي !
وأنا على عهده باق إلى أن ألقى الله جل في علاه .