روى الإمام أحمد رحمه الله في مسنده باسناده إلى إسماعيل بن عبيد الله قال: قال معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ستهاجرون إلى الشام فيفتح لكم ، ويكون فيكم داء كالدمل أو كالحزة( والحزة تعني القطعة من اللحم ) يأخذ بمراق ( أي ما سفل من البطن فما تحته من المواضع التي ترق جلودها ) الرجل يستشهد الله به أنفسهم ويزكي به أعمالهم.
ولقد تحققت نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، فقد فتح الله بلاد الشام على المسلمين وأصاب المسلمين الطاعون في الشام ، واستشهد بسببه خلق كثير ، وقد كان ممن استشهد معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه ن وكان قد سبقه ولده عبدالرحمن وزوجتاه.
وكان هذا الطاعون قد سمي بطاعون عمواس، وقد كان ذلك في السنة الثامنة عشرة لهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وقد كان عمره حينها ثلاثاً وثلاثين سنة وقيل أربع وثلاثون.
عن عمرو بن قيس عن من حدثه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : لما حضره الموت قال : انظروا أصبحنا؟ قال : فأتي فقيل : لم نصبح حتى أتي في بعض ذلك فقيل له : قد أصبحت ، فقال : أعوذ بالله من ليلة صباحها النار، مرحباً بالموت مرحباً، زائر مغب، حبيب جاء على فاقة ، اللهم إني قد كنت أخافك، و أنا اليوم أرجوك، إنك لتعلم أني لم أكن أحب الدنيا وصول البقاء فيها لكري إلا نهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.