مع انطلاق فعاليات منتدى أفريقيا 2018، بمدينة شرم الشيخ تحت شعار “القيادة الجريئة والالتزام الجماعي نحو تعزيز الاستثمارات البينية الأفريقية” برعاية وحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، يتجدد العديد من الأسئلة حول مكاسب مصر من التعاون مع القارة السمراء، وهل استطعنا حقا اغتنام الفرص المتاحة؟ أم أن الأمر لا يتجاوز التعاون الدبلوماسي والفعاليات ذات البريق الإعلامي؟
الحقائق تشير إلى أنه تجمعنا بدول القارة الإفريقية 3 اتفاقيات تجارية رئيسية، هى الكوميسا “السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا” والساداك “مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية”، وشرق إفريقيا، ومنذ 3 أعوام تم التوقيع على توحيد الاتفاقيات الثلاث فى اتفاق واحد للتجارة الحرة فى القارة من كيب تاون بجنوب أفريقيا حتى القاهرة، وذلك فى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ، ثم تم تأكيد هذا الاتفاق فى مؤتمر 2016 و2018 بتوقيع 43 دولة.
ورغم أن زيادة الصادرات إلى القارة الإفريقية والتى تعد سوقا كبيرة يضم ١.٢ مليار مواطن، كان الهدف الأبرز من وراء الجهود المصرية للتعاون مع أفريقيا، إلا أن تلك الصادرات خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري لم تتجاوز ١٪ فقط من إجمالى الصادرات المصرية.
وبحسب تقرير أعدته الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات حول موقف الصادرات المصرية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجارى، جاءت أفريقيا في ذيل الوجهات التصديرية للمنتجات المصرية، وقد تصدر الاتحاد الأوروبى للعام الثانى على التوالى تلك القائمة، حيث ارتفعت صادرات مصر غير البترولية لدول الاتحاد إلى 5.5 مليون دولار، وهو استمرار للزيادة المحققة خلال العام الماضى 2017، وكذلك فإن أسواق الدول العربية تصدرت الأسواق المستقبلة للمنتجات المصرية بـ 6.7 مليار دولار، فى وقت سجلت فيه صادرات مصر إلى دول أفريقيا ما عدا الدول العربية – كما ذكرنا – حوالى 1.1 مليار دولار فقط.
وفي ضوء تلك الأرقام “الهزيلة” يطرح كثير من المراقبين تساؤلات جادة حول مدى استعداد القطاع الخاص المصري لاقتناص فرص التعاون مع أفريقيا، في وقت يبدو التعاون السياسي أكثر فاعلية من نظيره الاقتصادي مع القارة السمراء، فمصر تحاول من خلال دبلوماسية نشطة أن تعيد بناء جسور الثقة مع الدول الأفريقية بعد عقود من الانسحاب من الساحة الأفريقية، وترك المجال لقوى إقليمية وعالمية للعب دور كبير في استقطاب الدول الافريقية، مثل تركيا وإسرائيل والصين، بما يتضمنه ذلك من تهديدات حقيقية لمنظومة الأمن القومي المصري بمفهومه الشامل.
وتبذل القاهرة جهودا جادة لإنشاء شبكات ربط وطرق تعزز التكامل بين دول القارة، مثل مشروع الخط الملاحي الذي سيربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، وكذلك مشروع إنشاء طريق القاهرة/كيب تاون، الذي يهدف لتنمية حركة التجارة بين مختلف دول القارة الأفريقية، وهو ما يعني أن الطرق والتجهيزات باتت جاهزة لانطلاق قطار الصادرات المصرية إلى أفريقيا، لكن من الواضح أن القطار المصري ضل طريقه، أو أنه يعاني أعطالا جوهرية تحول دون دخوله محطة القارة السمراء رغم الإشارات التي باتت مفتوحة في كافة الاتجاهات!