“خلال الحرب يعرف الناس ماذا ينتظرهم، ولكن الوضع مختلف فى حالة السلام، ولذلك يميل العديد منهم إلى الشعور بالخوف من السلام، فالعديد من الإسرائيليين يرون أن السلام مع الفلسطينيين، سيخلف ورائه عددا من المناورات والحيل، وهم يرون أن تقديم التنازلات علامة ضعف، فالسلام بالنسبة للعديد منهم يتحقق بردع الأعداء وتحجيمهم”، هكذا يرى المؤرخ الإسرائيلى موشيه تسيمرمان فى كتابه “الخوف من السلام .. المأزق الإسرائيلى” احتمالات ميل إسرائيل إلى تحقيق السلام مع الفلسطينيين.
وحقق الكتاب جدلا كبيرا بعد نشره فى 2010، ووصف بـ”المسئ”، واتهم مؤلفه بأنه ينشر نظريات “معادية لإسرائيل”، ورد تسيمرمان على هذه الاتهامات قائلا إن:”أعداء إسرائيل الحقيقيون يجلسون فى الحكومة، وإنهم هم من يمارسون سياسة معادية لبلادهم، تؤدى لعزلها عن العالم وتعيق السلام”.
ويقر تسيمرمان فى كتابه أن المستوطنين الإسرائيليين وقوات جيشهم، يشكلون العقبة الأساسية التى تقف فى سبيل التقدم لتحقيق السلام مع الفلسطينيين لأنه يتعارض مع مصالحهم الخاصة، والتى يحققها بقاء الفلسطينيين تحت السيطرة، مشيرا إلى أنه وإن كان أصحاب هذا الفكر يشكلون أقلية، إلا أنهم مؤثرون، لأنهم ينجحون فى تعميم الخوف الذى يجبر الأغلبية على الخضوع لآرائهم.
وفى هذا السياق يلفت المؤرخ الإسرائيلى فى “الخوف من السلام.. المأزق الإسرائيلى” إلى أن غالبية الإسرائيليين تريد التمتع بالعيش فى سلام، إلا أن ذلك لا يمكنه التحقق لتعارضه مع مصالح الأقلية المؤثرة.
ويرى المؤرخ الإسرائيلى فى كتابه أن سيطرة هذه الأقلية المؤثرة على صناعة القرار فى إسرائيل هى التى حالت دون تحقق السلام، بالرغم من تدخل الدبلوماسيين والوسطاء لسنوات، وقيامهم بجهود كبيرة لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ويلفت تسيمرمان فى كتابه إلى أن أحد أسباب خوف إسرائيل من تحقيق السلام مع الفلسطينيين، هو الأخطار التى تحيط بها من عدة جهات، والتى تشكل حركة “حماس” إحداها، وذلك بالإضافة لما وصفه بـ”التهديد بالإبادة” من قبل إيران، إلى جانب تخييم شبح “المحرقة النازية” على أذهان الإسرائيليين.
وفى هذا الإطار يقول تسيمرمان فى كتابه إن التذكير المستمر بالخطر وبأننا كنا دائما ضحايا، وأن العرب والفسلطينيين أعدائنا ويريدون إبادتنا، تبعد عن الأذهان إمكانية اللجوء إلى بدائل للحرب. ويؤكد المؤرخ الإسرائيلى فى كتابه أنه يجب على المجتمع الإسرائيلى أن يتخلص من الخوف المسيطر عليه، لكى يستطيعوا تخيل سيناريوهات أفضل من استمرار الاحتلال.