شرف الله مكة المكرمة بالبيت الحرام، وجعلها قبلة المسلمين، إلا أن الكثيرين، اختلفوا فى ترجمة اسمها المدون فى معظم المراجع الأجنبية باسم Mecca بسبب تناقضه مع الاسم الحقيقى لها المذكور فى القرآن، على الرغم من أن الترجمة اللاتينية كتبتها باسم Makkah.
وتناول الإعلام المحلى والعربى قبل أكثر من عقدين من الزمن موضوع اسم Mecca الذى لاتزال بعض الدول الأجنبية إلى الآن تصف به مكة المكرمة وأماكن أخرى لديهم لا تليق باسم أطهر بقاع الأرض، وعمل المسلمون فى حينها على تصحيح ذلك الاسم الذى يختلف نطقه عن مَكّة المكرمة باللغة العربية بفتح الميم، إذ يُنطق مِكا بينما الصحيح يكتب كما فى أصل الترجمة اللاتينية Makkah، بحسب ما ذكر الدكتور معراج بن نواب مرزا، أستاذ الجغرافيا فى جامعة أم القرى.
وأفاد الدكتور معراج فى حديثه لوكالة الأنباء السعودية أن موضوع ترجمة مكة المكرمة باللغة الإنجليزية أثير نقاشه فى مطلع الثمانينيات بين المسلمين، ليصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، حينما كان وليًا للعهد ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء، قرارًا عام 1401هـ ينص على اعتماد ترجمة مكة المكرمة إلى Makkah فى جميع مراسلات القطاعات الحكومية والخاصة فى المملكة، وإبلاغ الشركات والمؤسسات التى تتعامل معها باعتماد ذلك الاسم.
واهتمت رابطة العالم الإسلامى التى يوجد لها العديد من المكاتب والدعاة فى مختلف دول العالم بذلك الموضوع، وأبلغت العديد من الدول بأهمية اعتماد الترجمة الصحيحة Makkah، احترامًا لقدسية مكة المكرمة قبلة جميع المسلمين فى العالم.
وأشار الدكتور مرزا إلى أن المؤتمر الدولى للجغرافيين الذى عقد فى مقر الجمعية الجغرافية الملكية فى لندن عام 1936م، قرّر أن تكتب أسماء المدن، والطبيعة الجغرافية، والظواهر المناخية فى العالم كما ينطقها أهلها، مبينًا أن اسم Makkah، سجل فى دائرة المعارف البريطانية، وأطلس أكسفورد.
وفى ذلك السياق، قال الأمين العام للهيئة العالمية للإعجاز العلمى فى القرآن الكريم والسنة النبوية برابطة العالم الإسلامية الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز المصلح : إن مكة المكرمة هى القلب النابض والقبلة الإسلامية لأكثر من مليار وثلاثة أرباع المليار مسلم فى العالم، وجاء اسم مكة حسبما ذكرت بعض كتب اللغة من كلمة “جذب الفصيل أى الرضيع ثدى أمه إذا امتص حليبها” بمعنى أن مكة امتصت قلوب المسلمين، وثنى على ذلك القول المؤرخ أحمد السباعى فى كتابه “تاريخ مكة المكرمة” المحفوظ لدى دارة الملك عبدالعزيز، وزاد بالقول: إن علماء الإسلام أشاروا إلى أن تسمية مكة جاء بسبب قلة مائها، ومنهم من قال لأنها تمك الذنوب أى تذهب بها، أو لأن الناس فيها يبك بعضهم بعضًا أى يدفع.
وأضاف ابن مصلح فى تصريح لـ”واس” أنه من الإنصاف العلمى والأخلاقى أن تنطق مكة المكرمة بما ورد فى القرآن الكريم، وبما ينطق بها أهلها، وتغيير نطقها بترجمتها، موضحا أن إطلاق اسم آخر عليها خلاف ما اتفق عليه المسلمون يعد خطأ علميًا فادحًا ينبغى تعديله.
وبين أن المسلمين دخلوا منذ قرون مضت العديد من بلدان العالم ولم يغيروا فى أسماء مدنها، أو ظواهرها الطبيعية، ولا حتى فى نطقها، بل أبقوها كما هى؛ لذا فإن العقول السويّة تأبى أن يتم التهاون مع نطق اسم مكة المكرمة، إجلالا لهذه المدينة المقدسة.
وكانت وزارة الثقافة والإعلام قد وجهت الصحف والمجلات المحلية كافة، بضرورة كتابة اسم مكة مقروناً بالمكرمة، والمدينة مقروناً بالمنورة تعظيمًا لمكانتيهما الجليلة فى الإسلام، وفى إطار الرعاية والاهتمام التى يوليها ولاة الأمر لهاتين المدينتين المقدستين، منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
وتقع مكة المكرمة شرقى البحر الأحمر، فى إقليم الحجاز، ومركزها فى وادى إبراهيم عليه السلام الذى تحيط به الجبال الشاهقة، وترتفع عن سطح البحر 300 متر تقريباً، وسميت فى القرآن الكريم باسم: أم القرى، مكة، بكة، البلد الأمين، البلد، البلدة، الكعبة، الحرم الآمن، الوادي، والمسجد الحرام.
وضمّت مكة المكرمة مع الكعبة المشرفة آيات بينات ومشاعر جليلة، مثل: المسجد الحرام، مقام إبراهيم عليه السلام، الصفا والمروة، عرفات والمشعر الحرام، منى، مزدلفة، وغار جبل ثور.