يبدو أن مصر تتجه بقوة نحو مزيد من الشمول المالي، فبعد سنوات من قيام البنك المركزي المصري بتجهيز البنية التحتية التكنولوجية بالبنك ودفعها نحو التطوير، وبدء إطلاق الخدمات المصرفية الإلكترونية بظهور خدمة تحويل الأموال عبر المحمول، يبدو أن العام الجاري سيشهد إطلاق استراتيجيتين أساسيتين فيما يتعلق بتضمين القطاع الرسمي ونشر الخدمات المالية في الدولة.
ويعمل البنك المركزي وذراعه التدريبي المعهد المصرفي على خطوات هامة تعكس تركيز الدولة في الوقت الحالي على نشر الخدمات المالية، تتمثل في إعداد الاستراتيجية القومية للتثقيف المالي بالتعاون مع وزارات الشباب والرياضة والتعليم العالي وجهات أخرى من بينها البنوك.
كما يعد حاليًا دراسة مسبقة لاستراتيجية الشمول المالي، يتضمن الجزء الأول منها جانب المعروض من الخدمات المالية في البنوك لمعرفة عدد ونوعية هذه الخدمات وما إذا كانت كافية لتلبية احتياجات المجتمع المصري بكافة أطيافه .
هذا بجانب التواصل مع المؤسسات الدولية الداعمة لجهود نشر الشمول المالي، مثل المنظمة الدولية لمالية الطفل والشباب، ومجموعة البنك الدولي؛ التي اختارت كلا من مصر، والصين، والمكسيك كدول نموذجية للمشاركة بمبادرة الشمول المالى العالمى التى أطلقها البنك الدولى، والاتحاد الدولى للاتصالات السلكية واللاسلكية، والمبادرة العالمية الجديدة للشمول المالى بلجنة المدفوعات والبنية التحتية للسوق، ومؤسسة بيل وميليندا جيتس.
وخلال الأيام المقبلة تستضيف مصر المؤتمر الدولي للتكنولوجيا المالية بشمال أفريقيا Seamless وذلك لأول مرة؛ ومن المقرر أن يفتتح المؤتمر طارق عامر، محافظ البنك المركزي، تحت رعاية رئيس الجمهورية، وبحضور عدد من الوزراء والقيادات بالبنك والقطاع المصرفي، ويتضمن المؤتمر ثلاثة محاور رئيسية هي التكنولوجيا المالية، وأنظمة المدفوعات، والتجارة الإلكترونية.
وقال خالد بسيوني، مدير إدارة الشمول المالي بالبنك المركزي، إنه تم بالفعل الانتهاء من دراسة جانب العرض في استراتيجية الشمول المالي، وعرضها على البنك المركزي والجهات الداعمة لخدمات المالية في مصر، متوقعًا إطلاقها خلال العام الجاري .
وأضاف في تصريحات صحفية أنه من المقرر إعداد دراسة أخرى تتعلق بجانب الطلب، حتى يتمكن البنك المركزي من تحديد مدى احتياج السوق المصري لاستراتيجية قومية للشمول المالي أو مجرد تعليمات للبنوك.
ويحل موعد الأسبوع العربي للشمول المالي أبريل المقبل ومن المتوقع أن تقوم البنوك المحلية بعدد من الفعاليات في هذا الصدد.
في سياق متصل انتهى المعهد المصرفي من إعداد الاستراتيجية القومية للتثقيف المالي وأرسلها للبنك المركزي لدراستها، ووفقًا لتصريحات د. نزار سامي، نائب مدير المعهد المصرفي، فإن ملامح الاستراتيجية تتضمن نشر الخدمات الإلكترونية التى تستهدف التوعية، والتثقيف المالى، بالإضافة إلى الفعاليات على الأرض فى المدارس والجامعات وغيرها من الأماكن، وإنتاج محتوى تعليمى توعوى، وعقد الندوات وورش العمل، والتواجد بشكل مكثف فى وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، بالتعاون مع الجهات المشاركة فى إعداد الإستراتيجية.
يشار إلى أنه تم تأسيس لجنة وطنية لوضع الاستراتيجية خلال عام 2013 تضم نحو 18 جهة على رأسها «المركزى»، وهيئة الرقابة المالية، والمعهد المصرفى، وزارات التربية والتعليم، والشباب والرياضة، والتعليم العالى، والمالية، والبورصة المصرية، والهيئة القومية للبريد، والصندوق الاجتماعى للتنمية، وبنك مصر، والبنك الأهلى المصرى، والبنك التجارى الدولى، وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والجمعية الألمانية للتعاون الدولى، والبنك الدولى، والمجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء، وجمعية رجال أعمال الإسكندرية.
وتحتاج مصر بقوة لنشر التكنولوجيا المالية استغلالا لثورة الهواتف الذكية التي زاد معدل انتشارها في السوق المحلية عن 100%، لنشر الخدمات المصرفية الإلكترونية وتقليل تداول الكاش، وتضمين القطاع غير الرسمي ضمن المنظومة الرسمية للدولة .
ويتوقع خبراء مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي الذي يتجاوز حاليًا 3 تريليونات جنيه إذا ما نجحت الدولة في تضمين القطاع غير الرسمي.