احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي هي أموال وأشباه أموال تم احتجازها، دون عائد يُذكر، حتى يتم استخدامها في أوقات الأزمات.
ويتكون الاحتياطي النقدي المصري من الذهب ووحدات حقوق السحب الخاصة ومركز الاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي، والأموال النقدية الأجنبية السائلة (الكاش)، وسندات دولية (يمكن تسييلها بسهولة)، ولأننا نهتم باستقرار والقدرة على تسييل هذه الأصول الاحتياطية على حساب العائد، وجب على كل بنك مركزي أن يحافظ على قيم احتياطي النقد الأجنبي عند أدنى حد آمن، ويرتبط هذا الأمان بعدة عوامل، أشهرها قدرة هذا الاحتياطي على تمويل استيراد الواردات السلعية لمدة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وسداد الديون قصيرة الأجل.
في مصر ارتفع احتياطي النقد الاجنبي ليصل إلى 38,209 مليار دولار بنهاية يناير، حسب ما أفاد البنك المركزي، وهو أعلى معدل في التاريخ، مقارنة بحوالي 19 مليار دولار قبل اتخاذ قرار تعويم سعر صرف الجنيه في نهاية 2016، وحوالي 13 مليار دولار في فبراير 2013.
فهل هذا المُعدل آمن ؟
يكفي احتياطي النقد الأجنبي الحالي لتمويل واردات مصر السلعية (البترولية وغير البترولية) لمدة 8 أشهر تقريبا، بعد أن كان يكفي لتمويل عمليات الاستيراد لثلاثة أشهر فقط في فترة تولي حكم الرئيس المعزول محمد مرسي.
أما فيما يخص الديون الخارجية، فعلى الرغم من توسع الحكومة المصرية في الاستدانة في فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووصول حجم الدين الخارجي إلى 79 مليار دولار في يونيو 2017، إلا أن الحكومة تركز على الاستدانة طويلة الأجل، فمعظم القروض طويلة الأجل، سواء كانت موجهة لتمويل تنفيذ مشروعات تنموية أو لتمويل عجز الموازنة، فمن ضمن الـ79 مليار دولار إجمالي الدين الخارجي، كانت هناك 12 مليار دولار فقط ديون قصيرة الأجل، ما نسبته 15% من إجمالي الدين الخارجي، و31% من احتياطي النقد الأجنبي.
وكان الدين الخارجي قصير الأجل يمثل حوالي 12.8% من الاحتياطي النقدي في منتصف 2015، وحوالي50% في نهاية 2016، وقت اتخاذ قرار التعويم.
وهكذا يظهر أن احتياطي النقد الأجنبي أكثر من أمن، وقد تم تمويله عبر التوسع في الاستدانة متنوعة التكاليف، بعضها منخفض وبعضها مرتفع، لذا ليس من المُجدي اقتصاديا التوسع في الاستدانة (المُكلفة) لتأمين ما هو آمن بالفعل (دون عائد يُذكر).
الغريب أن الأمر حتى ليس مرتبط بالاشتراطات الكمية لصندوق النقد الدولي، الذي يحدد على أساسها كفاءة عمل النظام الاقتصادي المصري.
حيث يتوقع صندوق النقد أن يسجل احتياطي النقد الأجنبي 30 مليار دولار في العام المالي الجاري 2017/2018 على أن يصل إلى 31 مليار دولار في العام المالي المقبل 2018/2019، جاء ذلك ضمن وثائق المراجعة الأولي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الذي أفصح عنها صندوق النقد الدولي في النصف الثاني من 2017.
وهذا يعني أنه لا جدوى حقيقية ولا شكلية للاستمرار في دعم احتياطي النقد الأجنبي خاصة مع انتظام التدفقات النقدية الأجنبية من الخارج، وعودة مصر بقوة للسوق المالية الدولية.