اليوم يجمع بين ذكرتين تثيرا الكثير من المشاعر المتناقضة، كلمة السر فيها “شيمون بيريز”، الرئيس الإسرائيلى الأسبق الذى توفى 28 سبتمبر، ودفن فى القدس وشيعت جنازته اليوم 30 سبتمبر، تزامنا مع الذكرى الـ16 لاغتيال الطفل محمد الدرة.
الانتفاضة الفلسطينية الثانية
اندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، عقب اقتحام زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك أرييل شارون يوم 28 سبتمبر 2000 باحات المسجد الأقصى، تحت حماية 2000 من الجنود والقوات الخاصة، وبموافقة من رئيس الوزراء وقتها إيهود باراك، فوقعت مواجهات بين المصليين وقوات الاحتلال.
الدرة.. أيقونة الانتفاضة
كان الطفل محمد جمال الدرة مع أبيه فى شارع صلاح الدين بين نتساريم وغزة، فى عمره الـ12، ودخلا منطقة شهدت إطلاق نار عشوائى، فقام الأب بالاحتماء مع ابنه، خلف برميل أسمنتى، أو بمعنى أدق حاول الأب حماية الولد، لكن إطلاق النار استمر ناحيتهما، وسط محاولات الأب الإشارة إلى مطلقى النار بالتوقف صائحا: “توقفوا سيموت الولد.. سيموت الولد”، ومع صياح الأب تستمر النار، لتصيب الولد ويموت، ممدا جسده على جسد والده الذى فقد وعيه ممدا جسده على جسد ابنه، من هول الصدمة.
وسقط محمد الدرة شهيدا برصاص الإسرائيليين فى 30 سبتمبر 2000، فى مشهد مأساوى اهتز له العالم، نقلته عدسة مصور وكالة الأنباء الفرنسية، شارل إندرلان.
أثار إعدام الجيش الإسرائيلى للطفل الدرة مشاعر غضب الفلسطينيين فى كل مكان، وهو ما دفعهم إلى الخروج فى مظاهرات غاضبة ومواجهة الجيش الإسرائيلى، أسفرت عن مقتل 4412 فلسطينيا إضافة إلى 48 ألف و322 جريحا، بينما قُتل 1100 إسرائيلى، بينهم 300 جندى، وجرح 4500 آخرين.
وتميزت الانتفاضة الثانية، مقارنة بالأولى التى اندلعت عام 1987، بكثرة المواجهات، وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلى.
أبو مازن ورئيس مخابراته فى جنازة السفاح
جرى، اليوم الجمعة، تشييع جنازة بيريز، الحاصل على نوبل للسلام مناصفة مع الرئيس الفلسطينى وقتها ياسر عرفات، وحضر الجنازة وفد فلسطينى ترأسه الرئيس الفلسطينى الحالى، محمود عباس، وكان من المقرر حضور مدير مخابراته، اللواء ماجد فرج، لكنه تعرض لحادث أثناء التوجه للجنازة.
وما أثار الاستفزاز هو “بكاء” محمود عباس على السفاح الراحل خلال تشييع جنازته، واحتضانه لابنته معبرا لها عن أسفه الشديد تجاه الفقيد، وكان عباس أصدر بيانا فور موت بيريز قال فيه: “بيريز كان شريكاً فى صنع سلام الشجعان مع الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات”.
بكاء عباس خلال تأبين بيريز، تناقلته وسائل الإعلام العربية والغربية، ومن ثم تناقله النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى متسائلين أين أبو مازن من ذكرى اغتيال الدرة ؟!.
جدير بالذكر أن هذه أول زيارة رسمية لعباس إلى القدس منذ سبتمبر 2010، وأول مرة يصافح فيها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو منذ نوفمبر الماضى، وفقا لما ذكرته تقارير عبرية.
عرب فى جنازة بيريز
فى اليوم الذى تتزامن فيه الذكرى الـ16 لمقتل الطفل الفلسطينى، ويكمل فيه الدرة عامه الـ28، تتجه وفود لأكثر من 70 دولة بـ5000 شخصية عالمية، عربية وغربية، لتوديع السفاح بيريز إلى مثواه الأخير، وسط تأثر عاطفى ملحوظ.
وأكد بيان الخارجية الإسرائيلية أن وفودًا دولية أكدت مشاركتها فى جنازة الرئيس التاسع لإسرائيل، ومن بين المشاركين بان كى مون، الأمين العام للأمم المتحدة، الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، ونائبه جو بايدن، وزير خارجيته جون كيرى، والرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون، وزوجته هيلارى، ومستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل، والرئيس الألمانى يواقيم جاوك، والفرنسى فرانسوا هولاند، ورئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماى، والأمير تشارلز وزوجته، ورئيس وزراء كندا جاستين ترودو ووزير خارجيته، وملكة هولندا، والرئيس الرومانى كلاوس يوهانس، ورئيس توجو باورا جنسينجبا، والرئيس المكسيكى إنريكه بينيا نييتو.
ومن العرب، أوفدت مصر وزير خارجيتها سامح شكرى، فيما أوفد المغرب أندريه أزولاى، أحد مستشارى الملك محمد السادس، وقالت القناة العاشرة العبرية إن هناك اتصالات مع دول من الخليج العربى لحضور جنازة بيريز بينها عُمان.
من هو السفاح بيريز؟
بيريز حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1994 مع رئيس الوزراء الإسرائيلى إسحاق رابين، مناصفة مع الجانمب الفلسطينى الذى مثله الرئيس ياسر عرفات، عقب اتفاقية أوسلو التى وقعتها إسرائيل مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.
فى 15 يوليو 2007 حلف بيريز يمين الولاء كرئيس تاسع لإسرائيل، وفى الوقت الذى حاول خلال أن يظهر كونه رجل السلام والساعى الأول لتطبيع العلاقات مع الدول العربية، إلا أنه يعد أحد كبار مهندسى البرنامج النووى، وكان له الدور الأكبر فى بناء مفاعل ديمونة، أيضا هو العقل المدبر لعملية “قادش” التى مهدت للعدوان الثلاثى على مصر عام 1956، والمسؤول عن مجزرة “قانا” بلبنان وراح ضحيتها أكثر من 106 من المدنيين، وهو متبنى سياسة الاستيطان والتهجير القسرى، وكان كبير الجاسوسة خلال عمله بالموساد.