اتذكر ايام الطفوله حين كان هدفى الوحيد هو كيفيه اقناع والدتى بأن تسمح لى بالنزول للعب فى الشارع، كانت محاولاتى المستميته دائما ما تقابل بالرفض القاطع فى معظم الاحيان لأسباب عديده منها ما يتعلق بخوفها الشديد على و منها ما يتعلق بخوفها على حذائى و ملابسى الذين كنت دوما أعود بهم ممزقين بعد يوم حافل من اللعب فى الشارع و الذى كان يمثل لى منتهى الحريه و اقصى درجات المتعه حيث افعل انا و رفاقى من ابناء الجيران كل ما يحلو لنا من مغامرات و العاب بعيدا عن رقابه الاهالى و رجال الأمن الذين كانوا يفرضون رقابتهم علينا فى النادى.
فى الشارع كنا نستطيع أن نلعب بالكره فى غير الاماكن المخصص لها و نكسر زجاج السيارات و البيوت و نفر هاربين، كنا نستطيع معاكسه أى فتاة تمر من أمامنا و تكون فى المرحله العمريه ما بين الثانيه عشر الى الخمسين، كنا نستطيع قذف القطط و الكلاب و احيانا الماره بالطوب و الاختباء فى مدخل اقرب عماره و نحن نضحك هربا من العقاب، كما كنا احيانا ما نبدأ فقره الارهاب لسكان المنطقه باستخدام البمب و الصواريخ و حرب اطاليا و نحن نعلم أن أخر ما يمكن ان يطولنا من عقاب هو تعنيف او شتيمه احد الجيران لنا، بأختصار كان عالم الشارع بالنسبه لنا هو العالم السحرى الذى نستطيع فيه عمل كل ما يحلو لنا دون الالتزام بأى قواعد او قوانين ثم العوده الى البيت منهكين متسخين ممزقى الثياب فلا ينولنا من العقاب الا بعض اللوم او الصوت العالى.
الان بعد مرور ثلالث سنوات على ثوره يناير فمن الواضح ان مصر نزلت تلعب فى الشارع، ثلاث سنوات من الفوضى و عدم الالتزام بأى قوانين او قواعد، شوارع مكدسه ليلاً و نهاراً بسبب عدم وجود من يطبق القانون أو يشرف على تنفيذه، طرق مقطوعه بأسم الاحتجاج او التعبير عن الرأى، بلطجه على الطرق السريعه و حوادث قتل و سرقه ليلاً و نهاراً، قمامه مكدسه فى الشوارع و طرق غير ممهده بسبب توقف نشاط المحليات و الاحياء، مستشفيات مهجورة أما بسبب اضرابات الاطباء او انعدام الامكانيات فى دوله تحت التنفس الصناعى لمده ثلاث سنوات، تعليم يلفظ انفاسه الاخيره ما بين مظاهرات الجامعات التى بدأت تحت مسمى النضال السياسى لطلبه جامعيين معظمهم لا يستطيع كتابه اسمه باللغه الانجليزيه و لم يقرأ فى حياته كتابا عن السياسه الا اللهم كتب سيد قطب لينتمى للتيار الاسلامى أو رواية الحب فى زمن الكوليرا ليصبح متحدث بأسم اليسار.
و ما بين المناهج الدراسيه الكفيله بأصابه جيل الاطفال كله بالسكته الدماغيه، فالمجلس العسكرى الذى كان بطل الثوره و حاميها فى منهج 2011 اصبح من النظام الفاسد القديم و اتضح ان محمد مرسى هو قائد الثوره و موحد المصريين فى منهج 2012 ثم جاءت مناهج 2013 لتتحدث عن مرسى المعزول العميل و الجيش بطل ثوره 30 يونيو! دستورين فى سنتين و برلمان انعقد لمده خمسه اشهر فى ثلاث سنوات ليناقش حد الحرابه و زواج الاطفال من سن عشر سنوات، مواجهات عبثيه مع الشرطه و الجيش بدون هدف محدد غير اشاعه الفوضى التى لا يستطيع من يحشدون لتلك المواجهات العيش دونها ليكتبوا المقالات و المدونات و يظهروا على الفضائيات لينعوا الشهداء و البكاء على الاطلال، حكومات متعاقبه مرتعشه واهنه غير قادره على اتخاذ قرارات حاسمه او تنفيذها، عصام شرف انشغل لمده سبعه شهور بالبكاء و الفطار عند التابعى، الجنزوري اضاع كل وقته فى صباغه الشعر و البحث عن بديل للبدله الوحيده التى لم يخلعها منذ ايام مذبحه مجلس الوزاء، هشام قنديل انشغل بالملابس القطنيه الموفره للاستهلاك الكهربائي و نصائح غسل حلمه الصدر قبل الرضاعه و ما تبقى له من وقت اضاعه فى لعبه السنافر، الببلاوى ادائه كان سيصبح جيدا فقط لو كان على قيد الحياه و لكن ليس على المرحوم حرج.
ارهاب داخلى و خارجى و محاولات اختراق للحدود و تهريب الالاف من اطنان السلاح للداخل , تحريض اعلامى دولى اقل ما يوصف به انه حقير و دعوه صريحه لحرب اهليه و تكرار النموذج السوري برعايه قناه الجزيره و مراسلين الصحف الاجنبيه عن طريق المعلومات المغلوطه التى يستمدونها من منظمات حقوق الانسان و النشطاء السياسين ممن تغلب كرههم للشرطه و الجيش على انتمائهم للوطن و استماتوا فى اظهار ان خلاف الدوله مع الاخوان هو خلاف سياسى من اجل السلطه و ليس انتفاضه شعب و دوله ضد تنظيم
مسلح خائن , قتل غدرا مئات المواطنين تحت منازلهم و الجنود و الضباط فى مواقع خدمتهم.و صوروا محاولات الدوله لمواجهه الفوضى و الارهاب على انها ممارسات امنيه قمعيه حيث انه من المفترض ان تسمح السلطات بأعمال التخريب كنوع من حريه الرأى و يكون من حق المواطن الاحتفاظ بسلاح ألى و كام قنبله للأستعمال الشخصى حسب قوانين حقوق الانسان المصريه العظيمه
مصر نزلت تلعب فى الشارع و وسخت نفسها و قطعت هدومها و اتلمت على اصدقاء السوء.. ربنا عالم هترجع امتى