تفتح المرأة المصرية أعينها كل يوم وهي تعلم جيدا أن يومها سيكون ” مش ولا بد ” لأسباب بسيطة أصبحت معتادة فهي تدرك أنها ستبدأ أول مهمها بعد أن تغسل وجهها مباشرة ، فبعد أن تقول أصبحنا وأصبح الملك لله تتجه إلى غرفة أبنائها لتيقظ أحدهم للمدرسة وتؤنب الآخر للبحث عن عمل مرة برفق ومرة بغلاظة للشعور بالمسؤلية، ولا تنسى إن كان لديها أبنة أن تقوم معها بالواجب اليومي وهو ” قومي ساعديني فحاجة هترجعيلي بسبت الكحك ” ، وبعدها تضع حجابها فوق رأسها وتتجه لسوق المليئ بالمتحرشين والبائعين السمجين الذين يصروا بكل ما أوتو من قوة أن يكفروها لكي يخفضوا لها الأسعار 50 قرشا ولكنها تبقى صامدة وتحصل على ما تريدة بلسانها الطيب .
وبعدها تأخذ المرأة المصرية الأصيلة ما ابتاعته وتضعه بخفة ورشاقة فوق رأسها وتتجه للمنزل مرة أخرى للتابع الأعمال المنزلية الشاقة من غسيل وتنظيف وطبيخ ومذاكرة للعيال ومناهدة في العيال وبعد كل هذا يأتي سي السيد ويعيب في تريتها للأولاد أو في عدم تطوير شكلها والمحافظة على رشاقتها أو يتشاجرون فينهال عليها بالضرب كالدبب القطبي وبعد كل ذلك تبقى صامدة .
وإذا ملت من العيش وأصبح من غير المحتمل البقاء معه تلف كعب دائر في المحاكم لنتال قرشين منه يسندونها هي وأولادها أو تقتصر الطريق وتتنازل عن حقوقها لتخلعه .
وبعدها ستضطر للذهاب لسوق العمل وتبحث عن أي باب رزق وما بالك من أن تقرر سيدة النزول للعمل في مصر “قابل بقى ” نظرات غير بريئة ولمسات غير محترمة وتدخل كل من يسوى ولا يسوى في حياتها هذا بعيدا عن ما ستجده في الطريق من سيارات تقف أمامها معتقدين أنها أمرأة غير شريفة وغيرها وغيرها من مهانة وقلة قيمة وعذاب حتى تحيا في هذا البلد .
ولكن مع كل هذا ومهما كانت ظروفها أو طبيعة حياتها فقد أثبتت هذه المرأة أمس أن “يا جبل ما يهزك ريح ” فرمت وراء ظهرها كل ما عانته وتعانية في هذه البلد وقررت أن تقوم بدورها وتذهب بأعداد مهولة للاستفتاء على دستور التي أيقنت أنه في صالحها وفي صالح بلدها وملئت الشوارع هي وصديقاتها وأطفالها مع زغاريد وأغاني وفرحة .
يمكن أن تكون فرحة لمصر أو للمستقبل أو فرحة للتفاؤل والأمل … لا يهم سببها ولكن الأهم أنها فرحت …. فكفى إهانات فقد شبعت المرأة المصرية منها وكفى مزايدات واتهامات فهي عندها مخزون لابأس منه أيضا ، فاتروكها تفرح وأفرحوا من أجلها ومن أجل ما تقدمه كل يوم لهذا البلد أملا أن يرده لها أبناءه يوما ما .