فارق كبير أن تُبدى رأياً مجرداً أو أن تُعبِّر عن مجرد رأى.
أحسب أن مصر تعيش حقبة تتطلب منا، جميعاً، أن نتجرَّد من كل الأهواء، ونتجاوز كل الاختلافات الأيدلوجية أو الفكرية، وأن يصبح الرأى المجرد المنزَّهُ عن كل الغايات والأهواء هو إسهامنا فى مجريات الأمور، فبعضنا فى مواقع للعمل يستطيع من خلالها أن يكون له إسهامه فى تحفيز المسيرة، ودفع حركة الوطن للأمام، والبعض الآخر لا يكتفى بمجرد العمل فى صمت، وإنما يملك ما يمكن أن يضيفه من إسهام ولو بكلمة حق من أجل هذا الوطن، آراء أو أفكار قد تضيف، ولو أقل القليل، إلى حياتنا، إلا أنها تُمثِّل واجباً على كل وطنى مخلص محب لتراب هذا البلد.. لذا قررت أن أغيِّر عنوان تدويناتى، من “مجرد رأى”، إلى “رأى مجرد”.
وأبدأ عند تقليد جديد استوقفنى، حين قرر رئيس الجمهورية أن يتبع نهجاً جديداً فى مصارحة الشعب بالواقع الذى نعيشه، بل ولا يتردد فى أن يضع نفسه على الملأ فى موقع المُحاسبة، فيخرجُ على الناس ليُقدِّم لهم كشف حساب، ماذا حقق، ماذا فعل، وماذا أنجز؟ بل ويصارح المصريين بواقع قد يبدو صعباً إلا أنه اختار نهج المصارحة مع الشعب بشكل عفوى مُجرَّد ينبغى أن نتوقف عنده بكل الاحترام .
إنه نهج جديد يُرسِّخ لمفهوم ديمقراطى فى العلاقة بين الحاكم وشعبه.
مبادرة تضع الرئيس فى تحدٍ دائم لأن يكون لديه من الإنجاز ما يعلنه. لقد أخذ الرئيس بزمام المبادرة.. فهل سيظل يعرق ويحرث ويزرع وحده؟ وإلى متى سنظل فى مقاعد المتفرجين؟ مجادلين، ومنتقدين، ومنظرين؟!!
إن مبادرة الرئيس تضعنا جميعاً فى تحد، أن نكون على قدر المسؤولية، فمصر لن تُبنى فقط بفكر وجهد وعمل الرئيس، أو بسياسات وإجراءات الحكومة وإنما ستُبنى بوعى شعبها واجتهاده وعمله وكفاحه، والأهم من كل ذلك بإرادة حقيقية للبناء.
لقد استغرقنا لسنوات فى جدل لم يجد، ولم يثمر، تحاورنا أكثر مما فكَّرنا، وتحدثنا أكثر مما عملنا..
يا رفاق الوطن، بالفعل قبل القول تُبنى الأوطان..
فهل نحن على قدر الحدث؟
لقد بدأ الرئيس بنفسه، فهل لنا أن نعمل ونقدّم، حتى ولو لأنفسنا، كشف حساب؟
صدقونى.. لم يعد لدينا رفاهية الوقت لكى نضيِّعَه.. مصر تحتاج إلى العمل.