أصدر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) تقريرًا يتناول دور ومكانة قارة إفريقيا في سلاسل التوريد العالمية، مشيرًا إلى أنه مع وفرة الموارد وتنوعها فضلًا عن كبر السوق الاستهلاكية المتنامي، يمكن أن تصبح قارة إفريقيا وجهة تصنيع بارزة للصناعات كثيفة التكنولوجيا ورابطًا رئيسًا في سلاسل التوريد العالمية.
وأشار التقرير إلى أن وفرة المعادن المهمة في إفريقيا، بما في ذلك الألومنيوم والكوبالت والنحاس والليثيوم والمنجنيز، والمكونات الحيوية في الصناعات كثيفة التكنولوجيا، تضع القارة الإفريقية كوجهة جذابة للتصنيع، وذلك في ضوء الاضطرابات التجارية الاخيرة والأحداث الجيوسياسية وسيطرة حالة عدم اليقين الاقتصادي، الأمر الذي يدفع الشركات المصنعة على تنويع مواقع إنتاجها.
أوضح التقرير أن قارة إفريقيا تقدم العديد من المزايا الأخرى مثل الوصول إلى المدخلات الأولية للإنتاج، وتوافر قوة عاملة في سن الشباب، ولديها دراسة كافية بالتكنولوجيا، وتتمتع بقدرة عالية على التكيف، هذا فضلًا عن وجود طبقة وسطى آخذة في التوسع، تتزايد طلباتها على السلع والخدمات الأكثر تطوراً.
ويسلط التقرير الضوء على أن تهيئة بيئة مواتية للصناعات كثيفة التكنولوجيا في إفريقيا من شأنه أن يساعد في رفع الأجور في القارة، التي تصل حاليًا لنحو 220 دولارًا شهريًا، مقارنة بمتوسط 668 دولارًا في الأمريكيتين، كما أن الاندماج الأعمق في سلاسل التوريد العالمية من شأنه أن ينوع الاقتصادات الإفريقية، ويعزز مرونتها في مواجهة الصدمات المستقبلية.
ويرى التقرير أن توسيع سلاسل إمداد الطاقة في إفريقيا يعتبر بمثابة فرصة لتسريع العمل المناخي. حيث يمكن أن تساعد إمكانات الطاقة المتجددة الهائلة في القارة، لا سيما الطاقة الشمسية، في تقليل تكاليف الإنتاج وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري.
وشدد التقرير على أن إفريقيا تحتاج إلى مزيد من الاستثمار في الطاقة المتجددة للمساعدة في سد فجوة الاستثمار الكبيرة ومعالجة العقبات الأخرى التي تحول دون تصنيع الألواح الشمسية في القارة، حيث يذهب حوالي 2٪ فقط من الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة إلى إفريقيا، كما أكد أن إفريقيا تحتاج إلى استثمارات كبيرة في البنية التحتية لتعزيز مكانتها كوجهة لسلاسل التوريد العالمية.
كما اشار التقرير إلى أهمية اهتمام الدول الإفريقية بتأمين عقود تعدين وتراخيص استكشاف أفضل للمعادن المستخدمة في المنتجات عالية التقنية وسلاسل التوريد. وهذا من شأنه تعزيز الصناعات المحلية، وتمكين الشركات المحلية من تصميم وشراء وتصنيع وتوريد المكونات اللازمة.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن الشركات الإفريقية الصغيرة والمتوسطة الحجم بحاجة إلى مزيد من تمويل سلاسل التوريد، مما يسد الفجوة الزمنية بين المشترين والبائعين، ويحسن الوصول إلى رأس المال العامل ويقلل من الضغوط المالية، فوفقًا للتقرير ارتفعت قيمة سوق تمويل سلاسل التوريد الأفريقية بنسبة 40٪ بين عامي 2021 و2022، لتصل إلى 41 مليار دولار، واعتبر التقرير أن هذا لا يكفي. كما يؤكد التقرير على الحاجة إلى تخفيف عبء الديون لإتاحة المجال المالي للبلدان الإفريقية للاستثمار في تعزيز سلاسل التوريد الخاصة بها، حيث إنها تدفع في المتوسط أربعة أضعاف ما تدفعه الولايات المتحدة وثمانية أضعاف ما تدفعه الاقتصادات الأوروبية.