العجيب والمؤلم فى مصر قلة ما نعرفه من تاريخ أدبائنا وكتابنا وأعلام الفنون .. فى القرن الثامن عشر كان إذا أراد كاتب أن يمدح مطربة يقول عنها “ أحيت عهد ألماظ “ أو ذكرنا صوتها بصوت ألماظ فمن هى ألماظ وما العلاقة التى ربطتها بعبده الحامولى أمام المطربين .
حدث فى عهد الخديوى إسماعيل أنهم أرادوا إجراء “ ترميمات “ فى أحد أجنحة القصر ، فأحضروا البنائين والفواعلية من الرجال والنساء ، وجرت العادة أن يتغنى الفعلة وخاصة الفتيات منهم بالأغانى والأناشيد مستعينين بها على أداء عملهم الشاق ، وكان من بين الفتيات “ الفعلة “ اللواتى كان يحملن المونة للبنائين فى سراى الإسماعيلية ، كانت الفتاة ألماظ “ وكان البناؤون والعمال أول من أشجتهم ألماظ وهللوا طربًا لصوتها الساحر وهى تغنى وتردد وراءها زميلاتها الغناء ، ولم يلبث أن وصل الخبر برجال السراى فكانوا يجتمعون ليسمعوا ألماظ ، وطار الخبر من سراى إلى سراى حتى وصل إلى مسامه الأميرة حرم الخديوى إسماعيل ، فأمر بإحضار الفتاة ، وسمعتها الأميرة وأعجبت بصوتها الرخيم فأخذتها تحت رعايتها وأمرت أن يحضروا للفتاة من يدرس لها فنون الموسيقى والغناء !
وإستشاروا فى ذلك عبده الحامولى وكان فى ذلك العصرشيخ المطربين ، وذكر لهم إسم من يليق بهذه المهمة وتولى أيضًا إشرافه على ألماظ وهى تتعلم الموسيقى ، وأقامت ألماظ فى السراى وإكتمل فنها ونضج صوتها ، وأخذت تطرب الأمراء والأميرات فى الحفلات الخاصة ، ثم ذاع صيتها فكانت تدعى للغناء فى الأفراح وحفلات علية القوم ، ولكنها لم تغنى مطلقًا فى حفلات عمومية وجمعت صلة العمل و “ النظرة الأولى “ بينها وبين عبده الحامولى ، وأحبها عبده فخطبها ثم تزوجها وكان ذلك آخر عهدها بالغناء لأن عبده الحامولى حرم على زوجته “ ألماظ “ أن تغنى لتطرب أيا كان .
أقام مرة الخديوى إسماعيل حفلة سمر دعا إليها بعض الأمراء وأرسل إلى عبده الحامولى يأمره بأن يرسل زوجته لتغنى وتطرب المدعوين ، وكان أمر إسماعيل لا يدفع ولا يرد ، وجاء الرسول والجند يبلغون عبده أمر ولى النعم ولكنه أجابهم “ أبلغوا أفندينا أن عبده مستعد لأن يحضر ويغنى ثمان ليال دون أن يغمض له جفن ، ولكن زوجته لا تغنى أمام أى كان ولو كان أفندينا المعظم “ .. وتوفيت ألماظ قبل عبده الحامولى بسنوات .