كتب: حسن أمين
“المولوية” أحد الطرق الصوفية السنية مؤسسها الشيخ جلال الدين الرومي افغاني الأصل وعاش حياته فى تركيا، واشتهرت الطريقة “المولوية” بتسامحها مع أهل الذمة ومع غير المسلمين أيًّا كان معتقداتهم، اشتهرت الطريقة المولوية بما يعرف بالرقص الدائرى لمدة ساعات طويلة، حيث يدور الراقصون حول مركز الدائرة التي يقف فيها الشيخ، ويندمجون في مشاعر روحية سامية ترقى بنفوسهم إلى مرتبة الصفاء الروحي فيتخلصون من المشاعر النفسانية ويستغرقون في وجدان كامل يبعدهم عن العالم المادي ويأخذهم إلى الوجود الإلهي كما يرون.
اشتهر في الطريقة المولوية النغم الموسيقي عن طريق الناي، والذي كان يعتبر وسيلة للجذب الإلهي، ويعتبر أكثر الآلآت الموسيقية ارتباطاً بعازفه، ويشبه أنينه بأنين الإنسان للحنين إلى الرجوع إلى أصله السماوي.
لا تزال الطريقة المولوية مستمرة حتى يومنا هذا في مركزها الرئيسي في قونية ويوجد لها مراكز أخرى في اسطنبول وحلب.
ورغم منع الحكومة التركية كل مظاهر التصوف الرسمية إلا ان الجهات الرسمية فى تركيا تعتبر مراسم المولوية كجزء من الفولكلور التركى.
كانت تستخدم “المولوية” التعبير الرمزى فى ملابسها ، حيث ترمز الملابس البيضاء “للكفن” والتجرد، والطربوش رمزً للوحدانية و فكرة الدوران عكس عقارب الساعة، تعود الى أيام الفراعنة، وتستخدم فى المولوية تشبها بالكواكب فى العبادة.
وانتفل هذا الفن الى الدولة المصرية وكانت المولية المصرية تتضمن عروض الارتجال العفوى بالمقامات الموسيقية العربية، على أنغام الناى الذى يعتبر أكثر الآلات الموسيقية ارتباطاً بعازفه، مصحوبة بمجموعة من الابتهالات والأدعية والأناشيد الدينية، حيث يبدأ العرض المولوى عادة بتلاوة القرآن الكريم، ثم الابتهالات والأدعية (الأوراد) حسب كل طريقة صوفية. ويبدأ رئيس الزاوية هذه الأوراد بآية (فاعلم أنه لا إله إلا الله). ويقوم أفراد الحلقة بترديدها، ثم يقول مستغيثاً (يا فتاح يا عليم المدد يا رسول الله المعتمد)، ثم تتوالى بعد ذلك فقرات حلقة الذكر ويمنع استخدام الآلات الموسيقية باستثناء الدفوف والمزاهر. ثم ينشد أحد الدراويش شعراً يقول فيه: إذا رمت المنى يا نفس رومى لمولانا جلال الدين الرومى وعند كلمة مولانا تضرب ثلاث ضربات، ويبدأ العزف بالنايات، ثم ينهض الدراويش ويبدأون بالدوران بطريقة فنية خاصة، فينزعون عنهم العباءات ليظهروهم يرتدون ألبسة بيضاء فضفاضة ويبدأون بالدوران على إيقاعات الإنشاد الدينى ويكون دورانهم سريعاً فتنفرد ألبستهم الفضفاضة، وأثناء الدوران يقومون بأيديهم بحركات لها معان صوفية ويشكلون بأيديهم ورأسهم لفظ الجلالة وتتزايد سرعة الراقصين فى الدوران حتى تصل إلى قمتها مع ترديد المنشدين لعبارة ( يا رسول الله مدد. ياحبيب الله مدد) وتتخللها من رئيس الزاوية عبارة (حي) وتختم وصلة الدوران بعبارة (الله الله. الله الله. الله الله يا الله) التى تتردد مرات عديدة قبل أن تختم وصلة الدوران.
المولويين فى مصر كانوا يسمون بـالدراويش أو الجلاليون نسبة إلى جلال الدين الرومى. وتعد التكية المولوية بالقاهرة أول مسرح بمصر وربما بالعالم كله، حيث ترجع عروض فرقة الدراويش المولوية إلى العصر العثمانى.
وأخذت رقصة التنورة من هذا الفن والفكر الفلسفى ومن رقصة جلال الدين الرومى الدائرية، وهى مستوحاة من أن الكون يبدأ من نقطة وينتهى عند ذات النقطة، وأن الدائرة أساس الكون، فالشمس هى المركز الذى تدور حوله الكواكب، وهى نفس فكرة الطواف حول الكعبة ، لكن رقصة التنورة تختلف عن رقصة المولوية من حيث الطقوس كما والمصريون أكسبوا الرقصة طابعا خاص مختلف عن الطقوس التى يقوم بها الأتراك فى رقصتهم، حيث لابد أن يتواجد شيخ ويأخذون منه البركة والتنورة الصوفية تختلف عن التنورة الاستعراضية التى تأخذ طابعا استعراضيا أكثر من الطابع الروحانى الدينى.