فتح النزال المرتقب بين الفلبيني ماني باكاياو والأميركي فلويد مايويذر الذي سيقام فجر الغد بتوقيت الشرق الأوسط وستحتضنه صالة “جراند غاردن” المغطاة في مدينة لاس فيغاس الأميركية، سجلات أبرز وأهم المواجهات التي لعبت في تاريخ رياضة “الفن النبيل”.
ويسيطر الشغف والترقب على جميع عشاق الملاكمة ومتابعي الرياضة بشكل عام في العالم أجمع انتظاراً للمباراة المرتقبة بين باكاياو ومايويذر والتي أطلق عليها مواجهة القرن نظراً لضخامة جوائزها المالية والتي وصلت لأكثر من 250 مليون دولار أميركي، وحظيت رياضة الملاكمة دائماً بالكثير من المباريات الكبرى كان أطرافها عدد من الأبطال الخالدين في تاريخ لعبة الملوك، سنحاول أن نتعرض لأبرزها وأقواها وأشهرها في السطور التالية.
مواجهة جو فريزر ومحمد علي
أقيم اللقاء التاريخي بين فريزر ومحمد علي في الثامن من مارس عام 1971 على لقب الوزن الثقيل لرابطة الملاكمة العالمية والمجلس العالمي للملاكمة، واكتسب هذا اللقاء اهتماماً واسعاً سواء من قبل الجماهير أو وسائل الإعلام نظراً للشهرة الكبيرة التي أحيطت بمحمد علي كلاي بطل العالم السابق عام 1964 بفوزه على سوني ليستون في ميامي والذي سحب منه اللقب عقب ذلك بثلاث سنوات نظراً لرفضه التجنيد في القوات المسلحة الأميركية والمشاركة في الحرب على فيتنام.
أقيم اللقاء في صالة “ماديسون سكوير غاردن” في مدينة نيويورك الأميركية وبلغت عوائد بث وبيع تذاكر المباراة وقتها أكثر من 2.5 مليون دولار وهو رقم قياسي آنذاك، ويمكن القول إن هذه المباراة كانت حدثاً تاريخياً إذ أنها كسرت جميع الأرقام القياسية للعوائد المالية التي تم الحصول عليها جراء تنظيم أي حدث رياضية وانتهى اللقاء بفوز فريرز بالنقاط بعد أن فشل كل ملاكم من الملاكمين في القضاء على الآخر بالضربة القاضية واستمرت المواجهة 15 جولة كاملة .. كانت نهايتها فوز فريزر بإجماع أراء القضاة.
وظل فريزر بطلاً للعالم حتى عام 1973 عندما خسر لقبه أمام الأميركي الآخر جورج فورمان في مباراة أقيمت في كنغستون عاصمة جاميكا واستمرت جولتين فقط، سقط في آخرها فريزر بالضربة القاضية.
صراع جاك ديمبسي ولويس أنخل فيربو
يمكن وصف مواجهة ( ديمبسي – فيربو) بأنها أول مباراة شهيرة وقوية في تاريخ ملاكمة المحترفين، بل أنها كانت نقطة تحول تاريخية ومفصلية لعبت دوراً هاماً في إكساب رياضة الفن النبيل المزيد من الشعبية والجماهيرية.
أقيمت المباراة التاريخية في الرابع عشر من سبتمبر عام 1923 على “حلبة بولو” في مدينة نيويورك الأميركية، أمام قرابة ثمانين ألف متفرج دفعوا ثمن التذاكر لمشاهدة اللقاء، واعتبر هذا العدد رقماً قياسياً في حد ذاته كونها المرة الأولى التي يدفع فيها هذا العدد من المشاهدين مقابلاً لمشاهدة مباراة في الملاكمة.
وكان ديمبسي هو بطل العالم في وزن الثقيل وقتها ويسيطر على اللقب منذ عام 1919 ورغم ذلك لم يبد متحديه اللاتيني فيربو أي خوف أو تظهر عليه ملامح التردد في المواجهة إذ انطلق في الجولات الأولى صوب منافسه الأميركي ووجه له سيلاً من اللكمات المنهمرة أطاحت بديمبسي خارج الحلبة ويقال إن رأسه شجت من الخلف نتيجة سقوطه من فوق الحلبة، إلا أن وقتها لم يكن قانون الملاكمة ينص على أن يقوم حكم اللقاء بالعد على الملاكم عند سقوطه فسمح لديمبسي أن يقف مرة أخرى ويستكمل النزال فرجحت كفته في الجولة الثانية بفعل الخبرة وتمكن من تحقيق الفوز في 57 ثانية عن طريق ضربة قاضية والاحتفاظ بالتالي بلقبه.
وعلى الرغم من هزيمة فيربو ومن فشله طوال مسيرته الرياضية باللقب العالمي إلا أنه اعتبر بسبب أداؤه القتالي والرجولي في هذه المباراة بطلاً قومياً في الأرجنتين بل وفي أميركا اللاتينية بشكل عام إذ سميت العديد من الشوارع باسمه كما أطلق اسمه على أحد أشهر أندية كرة القدم في السلفادور.
موقعة الغابة بين علي وفورمان
تُعرف مواجهة محمد علي وجورج فورمان على لقب بطولة العالم للوزن الثقيل والتي أقيمت في الثلاثين من تشرين الأول أكتوبر عام 1974 بأنها أحد أبرز الأحداث الرياضية التي وقعت في القرن العشرين، فالمباراة جرت بين اثنين من عظماء لعبة الفن النبيل، وأحيطت بها العديد من الظروف التي جعلتها محط أنظار العالم أجمع.
كان محمد علي يناضل لاستعادة لقبه العالمي منذ أن سحب منه عقب تهربه من الخدمة العسكرية وفشل في محاولته الأولى أمام فريزر الذي عاد وخسر لقبه أمام مواطنه الأميركي فورمان البطل الأولمبي السابق والحاصل على الميدالية الذهبية في الوزن الثقيل في أولمبياد عام 1968 في مكسيكو سيتي.
وتخطت جوائز اللقاء المقترحة أكثر من خمسة ملايين دولار وهو رقم قياسي آنذاك وهو ما جعل الأميركي دون كنغ منظم مباريات الملاكمة الشهير يبحث لهذه المواجهة التاريخية عن ممول وعن راعي كبير للحدث، فجاء الحل من حاكم دولة زائير وقتها “الكونغو الديمقراطية حالياً” موبوتو سيسي سيكو الذي استضاف المباراة في العاصمة الزائيرية كينشاسا في ملعب 20 مايو، كما حظيت المباراة بدعم ورعاية عدد من شركات الإنتاج السينمائي.
وسميت المباراة بـ”موقعة الغابة” كونها أقيمت للمرة الأولى في أدغال أفريقيا وذهب الملاكمان قبل موعدها بوقت طويل للتعود على الأجواء والمناخ في القارة السمراء والطريف أنها كانت ستقام في الخامس والعشرين من سبتمبر إلا أنها تأجلت نظراً لإصابة فورمان بجرح قطعي أثناء التدريب، وكان علي يبلغ من العمر وقتها 32 عاماً فيما كان عمر فورمان 25.
وتمكن علي من استعادة لقبه الغالي الذي كافح من أجله كثيراً بعد أن أجهز على فورمان بالضربة القاضية في الدقيقة الثانية و58 ثانية من الجولة الثامنة.
معركة وزن المتوسط بين هاجلر وهيرنس
يؤكد الخبراء أن مواجهة الأميركيان مارفن هاغلر بطل العالم وقتها ومتحديه توماس هيرنيس هي واحدة من أقوى المباريات في تاريخ الملاكمة بسبب نديتها وارتفاع مستواها الفني وتميز الملاكمان خلالها بشكل كبير.
أقيمت المباراة في الخامس عشر من أبريل عام 1985 في فندق سيزار بالاس في لاس فيغاس بولاية نيفادا، وجذبت المباراة اهتمام وسائل الإعلام كونها بين بطل عالمي لا يقهر في وزن المتوسط وهو هاغلر وأحد أبرز الصاعدين في عالم ملاكمة المحترفين وهو هيرنس الذي سيطر على ألقاب الناشئين، وكان يعد من الملاكمين الواعدين وقتها.
ورغم خبرة هاجلر إلا أن هيرنس لم يخش أو يرهب الموقف وقتها إذ تسيد المباراة وكانت النقاط في صالحه طوال الوقت خلال الجولات الثلاث الأولى لدرجة أنه تمكن من توجيه لكمة لهاغلر أصابته بجرح قطعي في حاجبه الأيمن الأمر الذي استلزم تدخل طبيب المباراة الذي عالج الجرح وعلى الرغم من تردد القاضي في استكمال اللقاء إلا أن الطبيب أعطى الضوء الأخضر، وقتها أدرك هاجلر بخبرته أنه بحاجة إلى معجزة للفوز وأنه لابد من المغامرة فانطلق في نهاية الجولة الثالثة بقوة صوب هيرنس ووجه له عدداً من اللكمات المباغتة التي أسقطت الملاكم الشاب وأدت لفوز هاغلر بالضربة القاضية واحتفاظه بلقبه في مباراة يصفها الخبراء بأنه أحد أهم اللقاءات في تاريخ الملاكمة التي شهدت تحولاً درامياً أدت لتغير النتيجة في ثواني معدودة.
هوليفيلد يعود للحياة عن طريق تايسون
يمكن وصف هذه المباراة بين مايك تايسون وإيفندر هوليفيلد بأنها المواجهة النارية التي انتهت على وقع أحد أكبر المفاجآت المزلزلة في تاريخ ملاكمة المحترفين.
أقيمت المباراة في التاسع من نوفمبر عام 1996 في مدينة لاس فيغاس وكان وقتها تايسون هو أسطورة الملاكمة العالمية التي لا تقهر وكان يبلغ من العمر 32 عاماً وكان بطل العالم في الوزن الثقيل، أما هوليفيلد فكان عمره وقتها 45 عاماً وكان تلقى صدمة قوية عندما تعرض لهزيمة من مايكل موور عام 1994 أفقدته لقب بطولة العالم ثم تقاعد من الملاكمة بعد اكتشافه لمشكلة صحية في قلبه.
تايسون كان عائدًا من محنة كبرى هو الآخر إذ أنه دخل السجن بتهمة الاغتصاب ما أفقده اللقب العالمي وقضي خلف القضبان ثلاثة سنوات وستة أسابيع خرج بعدها إلى عالم الملاكمة مجدداً حيث واجه بيتر ماكينلي وتغلب عليه قبل أن يطيح باستر ماتيس ويستعيد اللقب العالمي في وزن الثقيل، عقب ذلك عاد هوليفيلد من الاعتزال بعد شفائه وتم تحديد موعد للمواجهة الكبرى بينه وبين تايسون التي انتهت بمفاجئة كبرى وهي فوز الملاكم العجوز الذي تعامل بحكمة وهدوء مع شراسة تايسون طوال تسع جولات كاملة وفي آخر 20 ثانية من الجولة العاشرة انطلق كشاب في العشرينات موجها عدة لكمات مباشرة إلى رأس تايسون الذي ترنح بشدة إلا أنه تمكن من الوقوف على قدميه حتى الجولة الحادية عشرة التي انفجر فيها هوليفيد تماماً ليوقف حكم اللقاء النزال معلناً فوز هوليفيلد، ليصبح الملاكم العجوز بذلك هو أول ملاكم بعد محمد علي يتمكن من الفوز بحزام الوزن الثقيل ثلاث مرات.