إن الجنس عضو كاليدِ والعين، لماذا إذن هذا الانقسام؟!
ضد أو مع الجنس، هل نحن ضد أو مع الأنف؟ وُلدنا من الجنس ونَلِدُ من الجنس، وهذا هو مبدأ التكاثر البشري، نود أن نترك أثرًا على الممر، ونقول: «الذي يخلِّف لا يموت»، ولدي يشبهني تمامًا، لا إنه يشبه أبي وأمي، وهذا ما نريد، أن نعود من جديد ولو نسخة مشابهة أو مطابقة أو طِبق الأصل!!
إذا تأملنا بالطبيعة نرى أن هذه الطاقة هي الحاكمة للنظام التناسلي، وهذا واقع مستبد ومتسلط، يُفرض علينا بالقوة وبشدة حادة، تموت الطبيعة بدون هذه الغاية، ينقطع النسل.. تكاثروا، تناسلوا «حتى لو أردتم أن تنسلّوا وتتسلّوا».. هذا هو سبب الهروب من هذا العذاب لتسمو إلى القلب، هذا ما فعله الرُهبان والنُساك في جميع الأعراف والشرائع التي رفضت وكبتت الطاقة الجنسية للوصول إلى الطاقة الروحية، هل هذا هو الحل؟ هل الحل في الكبت؟ الجواب في الفَلَت الذي نشاهده عبر التاريخ إلى يومنا هذا.
لا تتخلى ولا تنكر ولا تزهد بأية نعمة مهما كانت متواضعة أو ضعيفة، «السيف يقطع ولكنه بحاجة إلى إبرة لتَجمعْ»، والطاقة الجنسية هي بداية الرحلة الروحية، في الإسلام ذكر الخالق أسرار النكاح وأمرنا بالنكاح، إنه طاقة فُرضت علينا بالاحترام والمودة والمداعبة، ولكنها أصبحت عقدة وعقيدة معقدة، فبكبتنا لهذه الطاقة لن نصل إلا إلى الغضب لا إلى الحب.. من هنا سبب الحرب وسبب بناء الأبراج والتكاثر على ممر الحياة، إن الزهد الجاهل يوّلد الحقد الحاقد، كأننا نجلس على فوهة بركان من الكبت، والانفجار هو التعبير عن هذا الاختبار، إنسان الكبت أصبح فاسدًا شريرًا، وعصبيًا مزعجًا حتى ولو كان رجل دين أو علم أو امرأة تبشر بالمحبة أو بالسلام.. الكبت سبب هذا الكذب، وهنا الحرب.
إن الجنس الذي نراه اليوم هو شرٌّ فاسد وشرٌّ حاقد.. لقد انفجر الكبت لأننا لا نستطيع أن نكبت الكبت أو نتركه يطول أو يمتد، الحل في الانفجار، وها قد انفجر الكبار قبل الصغار، الشايب يصبغ شعره ويتكل على ماله، ويميل إلى الصبية التي هي بدورها تميل إلى جيبه وتنسى ذنبها لتُعيل نفسها وأهلها، والشباب والفتيات حدّث ولا حرج.. شاهد المشاهد وتعلّم عبادة المعابد لا العابد ولا المعبود، هذه نتيجة الجهل والخوف من الحقيقة ومن عيش المسؤولية التي تحيا فينا ولنا، وهذا هو تاريخ آدم وحواء بعد ورقة التوت التي كبتت هذه الطاقة علّنا نصل إلى الملكوت، ولكننا وصلنا إلى التابوت، ولا نزال نطالب بالحق الذي مات مع الكبت ومع ورقة التوت.. أين الحل؟!
الحل في العقل لا بين الأرجل.. الجنس وسيلة صحية وسليمة، منها نتحرك إلى طبقات من الطاقات المقدّسة والمكرّسة لاستنارة الإنسان، ولكن علينا أن نحيا بأمرٍ من قلوبنا لا أفكارنا المكبوتة، وإلا فمن المستحيل أن نصل إلى الوعي الكوني، علينا أن نعود إلى جسد سليم طبيعي، ومن هذه البداية نتجاوز الجنس إلى النفس.