في مثل هذا اليوم من كل عام يحتفل الشعب المصري بذكرى استشهاد الشهيد الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق, وتعد هذه الذكرى الـ 45 على استشهاد الفريق الذي لقبه القيادات العسكرية الروسية بـ”الجنرال الذهبي”.
الجنرال الذهبي من مواليد 22 اكتوبر 1919 قرية سبرباى, مركز طنطا محافظة الغربية , واستشهد في 9 مارس 1969, وكان يعتبر واحدًا من أشهر العسكريين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين حيث شارك في الحرب العالمية الثانية ضد الالمان والايطاليين بين عامي 1941 و 1942 , كما شارك في حرب فلسطين 1948 وفي العدوان الثلاثي وحرب 1967 وكذلك حرب الاستنزاف.
أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عقب هزيمة يونيو 1967 قرار بتعيين الفريق عبد المنعم رياض رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية ليقود بنفسه عامين من حرب الاستنزاف علي طول الجبهة حتى أستشهد بين جنوده في 9 مارس 1969.
عاش الجنرال راهباً في محراب العسكرية المصرية لم يتزوج ، وكان يعيش في شقة مع والدته بمصر الجديدة له 5 أشقاء وهو الثاني بينهم فأكبر منه شقيقه الدكتور محمود رياض ثم الفريق عبد المنعم رياض وبعده الدكتورة ذاكية رياض ثم سميحة رياض وبعدها وداد رياض ثم الدكتور أحمد رياض .
ويعود نسب الشهيد عبدالمنعم رياض لأصول عريقة فوالده محمد رياض واحد من رعيل العسكريين المصريين القدامى اشتهر عنه الانضباط و الاصالة العسكرية.
الجنرال الذهبي ، رجل رقص الصهاينة حينما علموا بنبأ استشهاده ، رجل أفقدهم صوابهم طوال عامين من حرب الاستنزاف بأقل الإمكانات المتاحة ، رجل عكف إلي جوار الرئيس جمال عبد الناصر والفريق محمد فوزي وزير الدفاع وقتها علي إعادة بناء الجيش من جديد ، إلا أنه لم يسعفه الوقت لرؤية جنوده وهم يعبرون قناة السويس ليحرروا أرضهم التي وقف علي الجبهة وأستشهد من أجل الدفاع عنها.
عبد المنعم رياض كان طفلا ذكيا يمتاز بحب الاستطلاع والاكتشاف وكان يذهب للكتاب و يحفظ أجزاء من القرآن وقد حصل على الشهادة الابتدائية عام 1931 م من مدرسة الرمل بالاسكندرية و توفى والده وهو مازال فى الثانية عشر من عمره و تولى مسئولية رعاية والدته.
التحق رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق بالكلية الحربية فى عام 1936 م و حقق حلمه و تفوق على ذاته و كان يحيا بفكر ضابط و عقلية عالم و كان دائما صاحب فكر ورأى مؤثر فى الاحداث من حوله و لم يرضى بالظلم أو الإهانة مما جعله مشهورا فى كليته بعزة النفس و الدفاع عن حقوقه و حقوق زملائه بكل أدب وشجاعة و كرامة.
حقق الفريق انتصارات عسكرية فى المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف مثل معركة رأس العش التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بور فؤاد المصرية الواقعة على قناة السويس وذلك في آخر يونيو 1967، وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و 1968 وتدمير 60% من تحصينات خط برليف الذي تحول من خط دفاعى إلى مجرد إنذار مبكر.
أشرف الفريق على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف ، خلال حرب الاستنزاف، ورأى أن يشرف على تنفيذها بنفسه وتحدد يوم السبت 8 مارس 1969 موعداً لبدء تنفيذ الخطة، وفي التوقيت المحدد انطلقت نيران المصريين على طول خط الجبهة لتكبد الإسرائيليين أكبر قدر من الخسائر في ساعات قليلة وتدمير جزء من مواقع خط بارليف واسكات بعض مواقع مدفعيته في أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل معارك 1973.
وفى صبيحة اليوم التالي قرر الفريق أن يتوجه بنفسه إلى الجبهة ليرى عن كثب نتائج المعركة ويشارك جنوده في مواجهة الموقف، وقرر أن يزور أكثر المواقع تقدماً التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الاسرائيلية سوى 250 مترا، ووقع اختياره على الموقع رقم 6 وكان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدو في اليوم السابق
ويشهد هذا الموقع الدقائق الأخيرة في حياة الفريق، حيث انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التي كان يقف فيها وسط جنوده واستمرت المعركة التي كان يقودها الفريق بنفسه حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التى كان يقود المعركة منها ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء توفي عبد المنعم رياض بعد 32 عاما قضاها عاملا في الجيش متأثرا بجراحه .
وأشتهر الجنرال الذهبي بعدة أقوال مأثورة منها :
كن دائما بين جنودك فى السلم ومعهم فى الصفوف الامامية فى الحرب.
حافظ دائما على مسافة كبيرة بينك وبين كل مرؤوسيك فى تحصيلك ووعيك بالعلم العسكرى.
كن قدوة صادقة لجنودك.
احمل معك ميزانا حساساً للثواب والعقاب .
اهتم بشئون جنودك ومشاعرهم.
لا تجعل جنودك حتى فى احلك الظروف واللحظات يرون عليك علامات القلق والاتباك.
لا تسرع فى قراراتك وحينما تقرر لا تتراجع و لا تتردد.
لا تكن تقليدياً أو نمطياً واسع للابداع والابتكار.
لا تتكبر ولاترفع الكلفة.
دون خواطرك و تأملاتك فى لحظتها.
لا تنس ابداً ان معظم النار من مستصغر الشرر.