قال سامح شكري، وزير الخارجية، إن اجتماع السلام والأمن فى العراق الذي تستضيفه فرنسا اليوم الإثنين، يأتي ضمن سلسة خطوات تهدف لبناء موقف دولى للتعامل بشكل عاجل مع تحد يتمثل فى كيفية إعادة العراق صاحب دور بالغ الأهمية فى استقرار وتوازن العالم العربى إلى وضع يسمح له باستئناف دوره بين الأمم وتحقيق الازدهار لشعبه بكافة مكوناته بعد أن مر بهزات متتالية على مدى ربع قرن من الزمان أدت إلى إضعافه وتغلغل قوى التطرف داخله وانتشارها فى أرجائه.
وأضاف شكري في كلمته أمام المؤتمر أن مصر مع مجموعة من الدول العربية والولايات المتحدة فى اجتماع هام يوم الخميس الماضى فى جدة ركز بدرجة كبيرة على التعامل مع تهديد الارهاب فى العراق والمنطقة العربية بأسرها، وخاصة التهديد العاجل المرتبط باستيلاء تنظيم داعش على مساحات شاسعة من العراق وسوريا وكيفية مواجهة هذا التنظيم بشكل جماعى منسق التزامًا بقرار مجلس الامن 2170 وبقرار مجلس جامعة الدول العربية الصادر فى 7 سبتمبر 2014 فى ذات الشأن.
وأكد أنه لا شك أن تلك المواجهة تتطلب من جانب آخر استكمال تشكيل الحكومة العراقية لكى تضطلع بدورها فى بناء دولة تحتضن جميع العراقيين معززة بذلك منطق الدولة والمؤسسات، وبما يزكى تضامنهم لمواجهة هذا الخطر، ويعزز من قدرات القوات المسلحة العراقية للاضطلاع بمسئولياتها فى هذا الصدد.
وشدد شكري على أن خطر الإرهاب الأعمى يهدد بلدانًا متعددة لاسيما فى منطقتنا العربية، ويسئل عن ذلك المصريون الذين عانوا على مدى العامين الماضيين من وصول التطرف إلى سدة الحكم قبل ان يلفظه الشعب المصرى ويحرمه من القدرة على التحكم بمستقبله، وذلك نتيجة صلابة وعراقة الشعب المصرى ونجاحه فى تجاوز محطات عديدة سعى المتطرفون خلالها الى خطف مصر وجرها الى حيث لايريد المصريون.
وقال وزير الخارجية :”إذا كنا جميعًا نجتمع هنا لدعم العراق فى مواجهة داعش، وهو بالفعل هدف عاجل يتعين أن تتسم سياساتنا لتحقيقه بقوة العزيمة والحزم، فإن انتشار شركاء داعش والجماعات المشابهة له فى الفكر والأهداف الظلامية، ولاسيما فى دولة مثل ليبيا أصيبت فيها أركان الدولة بالضعف نتيجة الاحتكام للسلاح ورفض الاعتراف بشرعية المؤسسات وعلى رأسها البرلمان المنتخب، وهى أمور تستحق من المجتمع الدولى نفس الاهتمام خاصة ان ذلك التيار التكفيرى المتطرف يعمل كشبكة واحدة تمد أطرافها يد العون لبعضها اينما كانت.
وأشار شكري إلى أن ذلك يفرض علينا ذلك المواجهة الشاملة مع هذه الظاهرة باعتبارها ظاهرة واحدة تسعى لجرنا جميعا إلى الخلف، لافتا إلى أننا قد وصلنا لمرحلة إدركنا فيها أن الفكر المتطرف لايمكن التفاوض معه وصولاً إلى حلول وسط، أو التهاون مع دول تسعى لتوظيفه تحقيقًا لأهداف خاصة.
وتابع أن “الأمر عاجل والتهديد خطير ولا يصح أن نخاطر بمستقبل شعوبنا عبر مواءمات لاطائل منها، تفسح المجال للتطرف وتوفر لها هوامش جديدة للحركة والتأثير، كما أن هذا التهديد يستوجب علينا ونحن نجتمع هنا أن تكون رؤيتنا واضحة إزاء أهمية تضامنا فى العمل وتعضيد قدراتنا مجتمعة ومنفردة لمقاومة هذاالخطر والقضاء عليه وإدارك أن أنصاف الحلول لن تؤدى إلا إلى تفاقم الخطر.
واختتم الوزير كلمته قائلا:” لا يجب أن نغفل أن التعامل الفعال مع هذه الظاهر البغيضة تقتضى التعامل مع كافة الأبعاد السياسية والثقافية التى أسهمت فى انتشارها فالتعامل الأمني والعسكري وحده لن يكفي، كما أنه من الأهمية تجنيب مصادر تمويل التنظيمات الإرهابية.
وكان شكري قد أعرب في بداية كلمته عن شكره للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على استضافته لاجتماع السلام والأمن فى العراق، مؤكدًا أنه يدل على الاهتمام الدولى بالعراق فى محيطه الإقليمى وما هو أبعد من ذلك.
كما حيا شكري مشاركة الرئيس العراقي فؤاد معصوم، لافتًا إلى أنه يعكس عزم العراقيين على أعلى مستوى الخروج من الأزمة التى يمر بها بلد صاحب حضارة عريقة، والانتصار على قوى ظلام تسعى لمحو كل منجزات الرقى والتقدم لنسف أركان الدولة الحديثة أينما وجدت.