في ذات يوم رجعت عجوز إلى منزلها بعد عمل شاق امتدت لـ ثماني ساعات حتي توفر لطفلتها ذات العشرين ربيع .. إنها ليست بطفلة لكنها تحب أن تناديها حتي الآن بطفلتي. إن لديها خلل عقلي يجعلها ليست كمثل الفتايات في عمرها.
وما إن دخلت عليها حتي تقدمت تجري وأخذتها بين ذراعيها . وقالت لقد جلبت لكي الطعام يا طفلتي.
وما أن انتهت من الطعام كانت تبقي دوما قطعة صغيرة من طعامها ولم تخبر أمها، عندما سألتها لمن هذه أو لماذا تحتفظي يوميا بقطعة . لم تجد سبب أو رد منها لذلك . وهي أيضا لم تهتم بالأمر كثيراً.
كانت تعمل العجوز لدي رجل غليظ الطباع قلبه كالحجر لا يعرف معني الرحمة. كانت تعمل لديه تنظف وتطبخ وتقوم بكل الأعمال المنزلية. وكان في نهاية كل يوم شاق يعطيها ٢٠ جنيه. منهم ٢ جنيه أجرة . والبقيه تشتري طعام يكاد يكفي ابنتها التي تاكل وجبة واحدة يوميا عندما تعود أمها.
وفي ذات يوم وهي تعمل هاجس من الأفكار احتل رأسها وبدأت تقول لنفسها: يالا المسكينة.. أتركها طوال اليوم ولمدة 8 ساعات بدون رفيق وبدون طعام. إنها حتي إذا اشتد جوعها لا تسطيع أن تعبر عن شعورها. لقد خلقها الله كذلك.
وأنا قابلة بذلك والحمد لله علي كل شئ.
أخذت تكمل ما بداته من عمل.
لقد كانت علي وضع يشبه السجود كانت تنظف الأرض . حين شاهدت أرجل تقترب منها لم تعرف بعد من صاحب هذه الأرجل رفعت عيناها. حتي وجدته رب عملها . ألقى التحية عليها وبادلته هي بالأمر.
وخطرت ببالها أن مزاجه الآن جيد . فأرادت أن تخبره بشئ فقالت له سيدي اتسمح أن تزيد أجرتي وأن تجعلني أذهب أطمئن على ابنتي يوميا قبل ذهاب الشمس فأنا أتركها كل هذه الساعات وهي وحدها بدون حتي طعام.
نظر لها في استياء وكادت عروقه تنفر من مكانها من شدة انتفاخها ووجه بدا شاحبا.
وقال في حزم وعصبيه. إذًا آتي ببنتك لي سمعت أنها أتمت العشرين ربيعاً وأعلم أنها لديها مشاكل عقلية فلم تفهم أو تمانع أي شئ أفعله معها. وأنا مقابل ذلك أعطيك ما تريدين.
نظرت له العجوز وقد كانت وقفت أمام وجه ثم انطلقت من فمها بصقة على وجهه وتركته وذهبت.
وهي في طريق عودتها للبيت بدء شبح أفكارها يعمل .. ماذا سأفعل الآن لم يعد لي مكان أعمل فيه.. من أين سأوفر قوت يومي لي ولإبنتي؟ يالا المسكينة ستواجهه الجوع الأيام القادمة حتى أحصل على عمل.
كانت تفكر في هذه الكلمات حتي وصلت إلى باب المنزل عندما فتحت الباب لم تجد ابنتها تجري نحوها كما اعتادت منها . ظنت أنها نائمة فلقد رجعت اليوم في ساعة قريبة ليست كما تأتي يوميا.
وعندما اقتربت من الغرفة الوحيدة الموجودة بالبيت، والتي بها سرير واحد تشارك ابنتها النوم فيه.
وقفت عند الباب مزهوله مما رأت .. اتسعت عيانها في زهول وبدت حبيبات العرق تظهر علي جبينها حين رأت.
إن فأر يخرج من مخباءه الصغير معه جبن يضعها أمام ابنتها ثم يذهب ويجلب المزيد. وهي تأخذ ما يجلبه وتأكله وهي تبتسم للفأر، وكان يقف أمامها وكأنه يراقبها حتي تنتهي مما جلبه ثم يأتي بالمزيد.
سجدت بالصلاة وهي تقول: إلهي .. فأر لديه قلب أفضل من بعض البشر. رحمة فأر فاقت رحمة البشر.
وعندها أيقنت أن القطعة التي كانت تحتفظ ابنتها بها من طعامها كانت تعطيها لهذا الفأر الذي كان يعتني بابنتها طوال مدة غيابها.
إنها رحمة الله وحكمته .. آلف بين قلب فتاة وفأر . إنها صداقة من نوع آخر.