كتب: محمد علي حسن
تتجه الأمور في أوكرانيا نحو مزيد من التصعيد والتعقيد المشوب بالحذر مع مضي المعارضة في مشروعها الإنقلابي على المؤسسات بشكل بات يهدد بضرب الصيغة الأوكرانية. وبعد سيطرتها على رئاستي الجمهورية ومجلس النواب، أعلنت المعارضة مساء الاربعاء تعيين ارسيني ياتسنيوك الأوروبي التوجه، رئيسا للوزراء، الذيث يفترض أن يصادق البرلمان على تسميته اليوم . وجاء ذلك على وقع مواجهات بين متظاهرين موالين لروسيا وآخرين مؤيدين للسلطات الاوكرانية الجديدة في “سيمفيروبول” عاصمة جمهورية “القرم” المستقلة، أعقب رفض رئيس البرلمان المحلي أي نقاش حول احتمال الانفصال.
وشغل ياتسينيوك (39 عاما) العضو في حزب يوليا تيموشنكو منصب وزير للاقتصاد والخارجية، وقد دعي لقيادة البلاد قبل انتخابات رئاسية مبكرة ستنظم في 25 مايو.
وامام رئيس الوزراء المقترح مهمة جسيمة لمنع اوكرانيا من التردي في هاوية الافلاس واحتواء الاتجاهات الانفصالية المتصاعدة في جنوب البلاد خصوصا بالقرم حيث يشعر قسم كبير من السكان انه اقرب الى موسكو من كييف.
وتجمع اكثر من خمسة آلاف شخص الاربعاء امام برلمان القرم بسمفيريبول من جهة مؤيدي روسيا المطالبين بتنظيم استفتاء حول وضع القرم ومن الجانب الاخر التتار (مسلمون تعرضوا لاضطهاد ستالين) المصممين على الدفاع عن وحدة اوكرانيا. وقالت وزارة الصحة المحلية انه عثر على جثة رجل قرب المكان قضى على ما يبدو بسبب نوبة قلبية.
وتعد منطقة القرم التي تقطنها اغلبية من المتحدثين بالروسية ، اكثر مناطق اوكرانيا معارضة للسلطات الجديدة، بيد ان رئيس البرلمان المحلي استبعد الاربعاء اي نقاش بشان انفصال القرم عن اوكرانيا.
وتبادل المتظاهرون، وعددهم بالآلاف من كل جانب، بعض اللكمات وكثيراً من الشتائم، ورفع بعضهم اعلاما روسية، قبل ان تشكل الشرطة طوقا أمنيا للفصل بين الطرفين أمام البرلمان المحلي في سيمفيروبول، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلن مساعد المدعي العام الاوكراني ميكولا غولومتشا الأربعاء ان الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش لا يزال في اوكرانيا. وقال غولومتشا خلال مؤتمر صحافي “لدينا معلومات تفيد بان يانوكوفيتش لا يزال في أوكرانيا”، من دون مزيد من المعلومات حول مكانه.
من جانبه، أعلن المدعي العام بالوكالة اوليغ ماخنيتسكي انه تم اصدار “مذكرة توقيف دولية” بحق يانوكوفيتش الملاحق في اوكرانيا بتهم “عمليات قتل جماعية”. وقال ماخنيتسكي في مؤتمر صحافي ان “يانوكوفيتش مطلوب على المستوى الدولي”، من دون ان يوضح ان كانت السلطات قدمت طلبا رسميا بذلك الى شرطة الانتربول
وكان القائم بأعمال وزير الداخلية الأوكراني أرسين أفاكوف قد قال أنه لم يتخذ أية إجراءات لاعتقال الرئيس الأوكراني المخلوع فيكتور يانوكوفيتش في القرم تفاديا “لدخول قوة أجنبية في النزاع”.
وقال المسؤول الأوكراني في مؤتمر صحفي في كييف: “أعتقد أنه يجب علينا تفادي أي مواجهة عسكرية أو نزاع. أقول لكم بكل صراحة: عندما كنا في سيفاستوبول في القرم مع فالينتين ناليفايتشينكو،رئيس المخابرات الأوكرانية، لم نتخذ أية إجراءات صارمة في حق فيكتور يانوكوفيتش”. وأضاف: “في تلك اللحظة كنا نفهم أن ذلك سيكون بمثابة استفزاز كان قد يؤدي إلى دخول قوات أجنبية في هذا النزاع”.
وتابع: “اتخذنا هذا القرار لأن مصير القرم والاستقرار فيها أهم بالنسبة لنا من مصير يانوكوفيتش”.
ومن جهته، أعلن وزير الداخلية أرسن أفاكوف، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، حلّ القوى الأوكرانية الخاصة بمكافحة الشغب، وقال: “لقدّ وقّعت قرار إلغائها”.
وأشارت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن قوات مكافحة الشغب مكروهة من المعارضين، وقدّ جرى تداول ما قيل إنها صورٍ لعناصرها وهي تقوم بإطلاق النار على مجموعة من المتظاهرين.
وبموازاة ذلك ، كان هناك إستنفار سياسي وأمني روسي لحظه المراقبون، فقد كلف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزارة الدفاع في البلاد بإجراء اختبار متكامل لجاهزية القوات المسلحة في الدائرتين العسكريتين الغربية والمركزية بالإضافة الى عدد من اصناف القوات.
وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أنه أعلن تنفيذا لأمر الرئيس، استنفارا مفاجئا لقوات الدائرة الغربية والتشكيلات والقطعات العسكرية المتمركزة على اراضيها، وكذلك قيادة الدفاع الجوي ـ الفضائي، وقوات الانزال الجويّة، وطيران النقل العسكري والبعيد المدى”.
وأكد شويغو أن هذه المناورات ليس لها أي علاقة بالاوضاع في أوكرانيا. وقال ردا على سؤال للصحفيين عن علاقة هذه المناورات بالأحداث الاوكرانية: “على العموم ليس لها(علاقة) بأي شكل، فنحن لا نربط هذه الأشياء بأي شكل من الاشكال”. وأضاف أن “هذه المناورات ستجري كذلك عند الحدود الروسية مع دول اخرى”، مؤكداً في نفس الوقت أنه من المستبعد أن تثير مثل هذ الاختبارات العسكرية، لو جرت عند الحدود مع فنلندا.
أما سياسياً، فقد حث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تراقب الديمقراطية في القارة الأوروبية على إدانة ما أسماه بـ” تصاعد القومية والفاشية الجديدة” في غرب أوكرانيا.
وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية إن لافروف “دعا منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى أن تدين بوضوح صعود مشاعر القومية والفاشية الجديدة في غرب البلاد.”
وجدد عزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش في مطلع الأسبوع مخاوف من أن الدولة السوفيتية السابقة التي يبلغ عدد سكانها 46 مليون نسمة قد تنقسم وفقا لخطوط الأقاليم المؤيدة للغرب والأقاليم المؤيدة لروسيا.
وقال لافروف الذي اجتمع مع الأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون لامبيرتو زانييه الثلاثاء إنه يجب على المنظمة أيضا أن تندد بالتحركات التي تهدف إلى حظر اللغة الروسية ونزع صفة المواطنة عمن يتحدثونها.