وفقا لبيانات الأمم المتحدة عن متوسط سن الزواج الأول، فإن العالم ينقسم إلى 3 أقسام، عالم متقدم يتمتع مواطنيه بالحريات الشخصية وهؤلاء يتأخر سن الزواج لديهم إلى ما بعد الثلاثين، وعالم نامي يتمتع مواطنيه بمتوسط سن زواج أقل من 30 وفي كثير من الأحيان قريب من الـ20، أما الشريحة الثالثة فهم عرب شمال أفريقيا، حيث يجتمع وصف العالم النامي مع تأخر سن الزواج، حيث يتجاوز متوسط سن الرجل عند الزواج الأول حاجز الـ30 في مصر والمغرب وتونس والجزائر وحتى لبنان.
وتحتل مصر المرتبة 134 عالميًا من بين 144 دولة في مؤشر “تقليل الفجوة النوعية”، حيث تتخلف عنا 10 دول فقط حول العالم فيما يخص حجم الفجوة بين حقوق الرجال وحقوق النساء فيما يخص العمل والتعليم والسياسة، لكن فيما يخص الزواج ومعدل الأعمار فنساء مصر محظوظات قليلًا، حيث يتزوجن أصغر ويعشن أكثر، هذا بالإضافة إلى ميزة أن عددهن أقل، حيث يبلغ عدد الإناث داخل مصر 46.7 مليون وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مقارنة بحوالي 49.8 ذكر، أي أن الفارق أكثر من 3 ملايين ذكر.
هذا الفارق موجود بشكل متفاوت حول العالم، حيث توجد 3 دول فقط يزداد فيها عدد النساء عن الرجال، وفقا لتقرير التنافسية العالمية، ولكن الأمر السيء في الحالة المصرية، والعربية عمومًا، أن هذه الندرة النسبية للنساء ارتبطت بارتفاع واضح في متوسط سن الزواج، مع ارتفاع تكلفة الزواج نتيجة الندرة النسبية للإناث.
وتقوم العديد من الدول الغربية والشرقية بتقديم برامج تحفيزية للزواج، خاصة في الدول الإسكندنافية أصحاب أعلى متوسط سن زواج في العالم، والصين، أصحاب أقل معدل لإنجاب الإناث في العالم، فلكل 100 صيني راغب في الزواج توجد 87 أنثى صينية فقط، أما في مصر فالحكومة دائمة الشكوى من معدلات الإنجاب المرتفعة، وبالتالي غير مهتمة باستمرار معدلات الزواج عند مستويات مرتفعة، على الرغم من انخفاض معدلات الإنجاب في مصر منذ تسعينات القرن الماضي، باستثناء عامي 2012 و2013 لأسباب ديموجرافية، ولذلك فإن مبادرات دعم الزواج تقتصر على مبادرات أهلية خيرية بعيدًا عن الأدوات الحكومية.
إن دول كثيرة حول العالم وعت أن ثروتها البشرية هي ثروتها الحقيقية، والحفاظ على استقرار الحياة الأسرية والإنجابية أمر ضروري لاستقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالدولة، وهذا أمر متفق عليه في غرب أوروبا التي تستقبل ملايين المهاجرين، والصين التي أوقفت سياسة “الطفل الواحد” التي استمرت لعقود، ولا يجب أن نعي الدرس متأخرين كالعادة.