السينما الأمريكية تبحث عن بطل لتقدم نسخة جدية من فيلم «شمشون ودليلة»، لتستكمل الإسرائيليات أساطيرها التى وجدت طريقا للسينما باللعب بقصص الأنبياء، وخلق شخصيات تأخذ من قصص وصفات الأنبياء خلفية لها، لتشيع بين الناس على مر الزمن ويختلط الحابل بالنابل، فلا نفرق بين الحق والباطل،
ومنها قصة شمشون الذى تضمنت تفاصيل قصته تطابقاً كثيراً مع قصة نبى الله «يحيى»، وللأسف أنها تواجدت فى الأسفار، ففى سفر قضاة نجد ان أم شمشون كانت متزوجة من رجل اسمه «منوح» ولكنها كانت عاقراً ومؤخراً تعاقدت شركة «وارنر برذرز» مع السيناريست الأمريكى «اسكات سيلور»، والمخرج «فرانسيس لورانس» لتقديم فيلم سينمائى ضخم عن الأسطورة الشهيرة «شمشون ودليلة» أو «شمشون ودليلة» كما هو شائع. والتى تدور أحداثها حول البطل الذى لا يقهر «شمشون» والذى جاء من بابل ليرى المدن الفلسطينية، وهناك يلتقى بدليلة التى يدفعها الفلسطينيون لكى تحاول كشف سر قوة «شمشون» وتنجح فى ذلك. وتبحث شركة «وارنر برذرز» عن وجوه جديدة تلعب أدوار البطولة فى الفيلم، كما قررت الشركة وضع ميزانية تقدر بـ100 مليون دولار بشكل مبدئى.. وتلك القصة كانت بمثابة الركيزة لسلسلة من الأفلام، وضعت السم فى العسل للربط بين يحيى وشمشون بشكل غير مباشر، وبدون إشارة واضحة. وأنتجت سلسلة من الأعمال منها شمشون ودليلة Samson and Delilah هو فيلم دراما تم إنتاجه فى الولايات المتحدة، من إخراج «سيسل دوميل». وقام ببطولتها كل من «فيكتور ماتيور» و«هيدى لامار»، دى ميل استند فى قصة وأحداث فيلمه على عدة مصادر أهمها كان كتاب زئيف جابوتنسكى الذى حمل اسما آخر هو فلاديمير اليهودى الروسى، دى ميل اهتم بديكورات فيلمه لتبدو الأماكن أقرب إلى حقيقتها فى حقبة من حقب التاريخ الفلسطينى البعيد، وألبس أبطاله مع مجاميع الكورس ملابس تليق بذاك العصر تألقت جميعها باستخدام تقنية التكنيكلور التى تعتمد أساساً على التصوير بثلاثة أفلام سينمائية خام يغلب على كل فيلم منها لون سائد من الأصفر والأزرق والأحمر وبعد ذلك يتم مزج الأفلام الثلاثة لتعطى لنا نسخة ملونة من الفيلم السينمائى وصنع فيلماً واحداً ملوناً بدلاً عن الثلاثة أفلام، مع موسيقى تصويرية رائعة وضعها فيكتور يونج، حيث قاد إحدى فرق الأوركسترا السيمفونية الأقدر على إشاعة لحظات الترقب والحذر والألم والفرح.
وصدر فى سنة 1949… بلغت تكلفة إنتاج الفيلم حوالى 3٫097٫ 563 دولارات بينما حقق أرباحا تقدر بـ 25٫600٫000 دولار.. وهناك أيضاً شمشون، فيلم أمريكى من إنتاج عام 1914، للمخرج هارولد لويد. هو فيلم درامى قصير ليس له صيت يذكر.. وهناك شمشون ودليلة، فيلم صامت من إنتاج نمساوى، عرض للمرة الأولى فى فيينا فى 25 (ديسمبر) 1922. أطلق الفيلم فى المملكة المتحدة فى شهر (أكتوبر) 1923. كان هذا الفيلم هو أول فيلم أنتجته استديوهات أفلام روزينجهيل التى كانت لاتزال قيد الإنشاء آنذاك. كان الفيلم من إخراج «ألكسندر كوردا» وبرعاية شركة «فيتا فيلم» وهو من أوائل الأفلام الملحمية التى أنتجت. وأدت دور دليلة مغنية الأوبرا ماريا كوردا، أما فرانس هيرتيتش فقد لعب دور أبيميليخ ملك الفلستيين، والأمير أندريه أندروويتش، لعب باول لوكاس دور إيتور ريكو، مغنى الأوبرا وإرنست أرندت دور قسارى ومتعهد المسرح. أما دور شمشون نفسه الذى تميز بصغره نسبياً فقد لعبه ألفريدو بوتشولينيسا.. كانت ردود الأفعال حول الفيلم إيجابية إلى حد معقول، على الرغم من أن الممثل الذى أدى دور شمشون لم يكن مقنعاً. طالت الانتقادات الإيجابية بنية الفيلم الذى يعتقد أنه لم يربط القصة الحديثة بالقصة التى وردت فى الكتاب المقدس بما فيه الكفاية.. من المعروف أن الإسرائيليات صورت شمشون على أنه بطل أسطورى، عاش كما تقول الأسطورة عندما كان الله يعاقب بنى إسرائيل بتسليمهم لأيدى الفلسطينيين جراء فعلهم الشرور وابتعادهم عن عبادة الله، وقد بشر بولادته ملاك ظهر أمام والده وزوجته العاقر، وقال إن الولد سيخلص الإسرائيليين من الفلسطينيين، وطلب الملاك من أمه أن تمتنع عن المشروبات الكحولية وألا يحلق أو يقص شعره أبداً: (لا يعلُ موسى رأسه لأن الصبى يكون نذيراً لله من البطن، وهو يبدأ يخلص بنى إسرائيل من يد الفلسطينيين) وهناك رواية فى كتاب «السينما الإسرائيلية فى القرن العشرين» يرى أن دليلة الفلسطينية لم تكن عاشقة لشمشون (عدوها) بل كانت تخطط لمعرفة سر قوته، حتى إذا نجحت فى معرفة هذا السر بعد غوايته تقص له شعره، ثم تسلمه للجنود الذين يكبلونه بالحديد ويفقأون عينيه. وهناك رؤية لمعين بسيسو، الذى كتب مسرحية بعنوان «شمشون ودليلة» ضمنها قراءته المختلفة لهذه الحكاية. ويأخذ بسيسو على بعض المؤرخين ونقاد الأدب والتاريخ القديم العرب أنهم أعطوا، وهم لا يدرون، شمشون الإسرائيلى جواز سفر لكى يمر عبر حدود تاريخهم، ويصبح بالتالى جزءاً من تاريخهم الفولكلورى. (وهذا تأكيد على أن القصة ماهى الأسطورة)… ولقد تناول القصة أيضاً المخرج الإسرائيلى آفى مغربى، وهو من نشطاء السلام فى إسرائيل، لكنه حاول فى فيلمه: «انتقم ولكن لعين واحدة فقط من عينيّ» أن يقرأ الحكاية بعيداً عن أسطوريتها ومرجعيتها الدينية، وأن يناقشها ضمن الجدل الدائر حول العمليات الاستشهادية التى يسميها الإسرائيليون العمليات الانتحارية، محاولاً الإجابة عن سؤال مفاده: ما الذى يدفع الفلسطينيين إلى القيام بعمليات انتحارية أو تفجيرية؟
آفى مغربى يذهب بعيداً، سواء على مستوى نقاش الفكرة فلسفياً او على مستوى الغوص فى التاريخ ونقده ليحلل «ثقافة الانتحار»، ويناقش ما يسميه قضية المصير الفلسطينى وارتباطها بالمصير الإسرائيلى عبر تحليل الأسطورتين المحببتين إلى الإسرائيليين: الثورة ضد الرومان على جبل «معدة» عندما اختار اليهود الانتحار الجماعى وقيام 900 يهودى بقتل أنفسهم، بدلاً من الاستسلام للجيوش الرومانية، فى القرن الأول الميلادى، وحكاية البطل التوراتى «شمشون» الذى هدم المعبد على نفسه وعلى الفلسطينيين مضحياً بنفسه، وكأنه يريد أن يطرح سؤالاً جوهرياً بدون أن ينطق فعلياً به: أليس ما يفعله الفلسطينيون اليوم من عمليات تفجيرية، هو نفسه الذى قام به أبطال الأسطورتين المحببتين والمبجلتين لدى اليهود؟!. ويعتبر مغربى أن شمشون هو «أول انتحارى فى التاريخ»، إلا أنه يشكك فى بطولاته، وينتقد المخرج أيضاً ما يعتبره إعادة كتابة، على الطريقة الإسرائيلية، لأسطورة «شمشون ودليلة»، حيث يُركَّز بشكل مفرط على شجاعة شمشون الذى اختار أن يموت ويقتل معه الآلاف من الأشخاص.