تحدث “الفقاعة” العقارية عندما يضطر عدد كبير من مشتري العقارات إلى البيع أو على الأقل يفشلون في سداد أقساط منازلهم، واستثماراتهم العقارية، ما ينتج عنه زيادة عرض الوحدات العقارية، وبالتالي انهيار كبير في أسعار العقارات، التي تمثل جزءا كبيرا من ثروة المجتمع، وفي النهاية يتضرر الاقتصاد ككل.
السبب الرئيسي في الفقاعة هو التقدير الزائد لقدرات المشترين الحاليين والمستقبليين، حيث يظن المطور العقاري، سواء حكومة أو قطاع خاص أو أهلي، أن السوق مازالت تحتاج لوحدات جديدة، ويظن المستهلك أنه قادر على السداد، أو على أقل تقدير إعادة البيع بسعر أعلى، لأن العقار مخزن جيد للقيمة.
خلال أيام قليلة حدث معظم ظواهر الفقاعة العقارية. فشلت الحكومة في جذب المشترين لوحدات “جنة” الفاخرة، ووحدات “سكن مصر” المُوجهة لمتوسطي الدخل، فلم تتم تغطية نصف وحدات الطرحين، كما قامت “بورتو جروب” بتقديم عرض ترويجي يتضمن تخفيضا على أسعار الوحدات العقارية بنسبة تتراوح بين 15% إلى 20%.
وعلى مستوى إعادة البيع تعج مواقع تداول العقار بإعلانات عن وحدات المراحل الأولى من المشروعات العقارية الحكومية، بأسعار أقل مما طرحته الحكومة
في المراحل التالية.
وفيما يخص التلاعب يقوم سماسرة العقار بشكل ملحوظ بطرح وحدات بثمن بخس على مواقع إعادة البيع، لا بغرض بيعها، ولكن بغرض إجبار المواطنين على بيع وحداتهم للسماسرة بسعر أقل، ومن ناحية أخرى يقومون بمضاربات وهمية لزيادة أسعار الوحدات المرغوب في بيعها.
في مصر لا توجد بورصة للعقار، ولا ضمان لحقوق الملاك والمستثمرين في زيادة سنوية معقولة، وبالطبع لا يمكن إجبار الحكومة على شراء الوحدات القديمة بالأسعار الجديدة التي تبيع بها، ولا يمكن إقناع المطورين العقاريين بطرح وحداتهم بسعر أقل من سعر الحكومة، خاصة أنهم يتحملون تكلفة الأرض على عكس الحكومة، وحتى مبادرة دعم البنك المركزي للتمويل العقاري، يضغط صندوق النقد الدولي لإلغائها.
مع ذلك تتمسك الحكومة بالطروحات الجديدة، ويناقش المطورون “تصدير العقار” واستهداف المصريين بالخارج، وتمديد فترات السداد، للخروج من مأزق العقار الحالي، وإبقاء معدلات زيادة أسعار العقار قريبة من معدلات التضخم.
الحكومة تستطيع الصمود لأن مقدمات الحجز والدفعات الأولى من ثمن الوحدات تغطي تكلفة البناء، والأراضي مجانية، وتستطيع الحكومة بسهولة توجيه قدراتها على البناء لتحقيق طموح الرئيس في بناء مدارس جديدة.
أما المطورون العقاريون فيستطيعون الصمود اعتمادًا على أرباحهم من سنوات الانتعاش، والسماسرة كذلك، أما المواطن فلا يملك ما يعتمد عليه، ولا تبشر الأيام القادمة بتحسن في قدرته على البيع.