تقدمت تكنولوجيا التسليح تقدماً هائلاً، وأصبحت قدرات الأسلحة النارية من الجو والبحر والبر تفوق التصور والخيال، وتقدمت معها قدرات الاستطلاع والرصد والإعاقة الإلكترونية وتستطيع الصواريخ الباليستية أن تقطع آلاف الكيلومترات وتستطيع صواريخ منظومات الدفاع الجوى الحديثة إصابة الطائرات بما فيها الشبح على مسافة مئات الكيلومترات، لكن المعارك لا تحسم إلا عندما يحتل جندى المشاة الأرض ويتمكن من التمسك بها، كما أن الفرد يحكم السلاح ويدير التكنولوجيا ويوجّه المعدة، لذلك تهتمّ الجيوش بتأمين الجندى ضد أسلحة العدو والتخفيف عنه من أوزان سلاحه وأدواته ورفع قدراته على الاشتباك والتواصل مع زملائه وقادته فى إطار توفرالمعلومات الكاملة لما يدورحوله فى الميدان .
لهذا تتسابق الدول المتقدمةالآن على تبنى مشروعات طموحة لكل ما يحتاج إليه ويستخدمه الجندى ويعظّم دوره فى المعركة، وكانت هذه المشروعات فى بدايتها أقرب إلى أفلام الخيال العلمى، ويدور الآن تنافس كبير بين العلماء والمؤسسات البحثية الكبرى فى أمريكا وبريطانيا ألمانيا وفرنسا وروسيا حتى لا تتأخر أى منها عن هذا الهدف وتتجه الدول الأوروبية إلى تبنى هذا المسعى بصورة جماعية.
السلاح الفائق
تسهم التقنيات الحديثة فى تصنيع سلاح خفيف الوزن ذى مقاومة عالية للحرارة وقدرات إنتاج نيران عالية وهو سلاح متعدد الوظائف يمكنه إطلاق مقذوفات موجهة مماثلة للآر.بى.جيه ، فى نفس الوقت الذى يطلق فيه طلقات الرصاص بالطبع كما فى البنادق التقليدية والرشاشات، ويضاف إلى هذا إمكانيات الأسلحة الذكية التى تطلق على سبيل المثال النبضات الكهربائية والليزر، وبالإضافة إلى أن هذا السلاح يحقق الحماية الذاتية من مصادر التهديد فإنه جزء محسوب من إمكانيات الوحدة التى يحارب من خلالها الجندى.
الخوذة السحرية
فى المقدمة الزجاجية من الخوذة سوف تتوفر شاشة عرض رقمية تعرض للجندى معلومات كاملة عن الوضع الميدانى مثل الصورة الكاملة لساحة المعركة والاتجاهات الآمنة للتحرك التى تحددها الأقمار الصناعية، وكذا الخرائط اللازمة فى مراحل المعركة، كما أن الخوذة مزودة بسماعات للأذن وميكروفون هوائى ونظام إنذار من مجسات ترصد الليزر والأشعة تحت الحمراء وذبذبات الراديو، وكل هذا يساعد على تحاشى المخاطر والتعامل المؤثر معها.
خطط جديدة
تتمثل هذه الخطط فى أن يكون الجندى غير مرئى، اعتمادا على نظرية الحرباء، حيث سيزوَّد رداؤه بلاقطات تعكس البيئة المحيطة به، تغيرِّ من لون وتمويه الأفرول، ليبدو كما لو كان جزءا من التضاريس اللونية للمكان، وتجرى الآن تجارب على حذاء الجندى لإضافة إمكانيات جديدة للطاقة تسمح للجندى بالقفز فوق جدار يبلغ ارتفاعه ٦ أمتار، كما ستزوَّد البدلة بمستشعرات تنذر الجندى وقادته بوجود غازات أو مواد بيولوجية، كما تقوم بدهن جروحه بالأدوية.
وتتيح البدلة التى تزخر بالأجهزة الإلكترونية تحديد موقع الجندى بشكل مباشر ومتواصل ودمجه فى المعارك ذات الطبيعة الرقمية، وسوف تساعد تقنيات النانو فى تحقيق هذه الأهداف وتخفيف حمولة الجندى بنسبة ٧٠ ٪، رغم الإمكانيات المذهلة التى ستتوفر له، وهكذا سوف يتصل كل فرد من القوات البرية على الأرض بشكل كامل معوحدات الإمداد بالذخيرة والاحتياجات الإدارية وقادة المعركة والطائرات دون طيار ومنصات الرادارات الجوية والأرضية فى إطار شبكة رقمية مركزية.
لقد بلغت حمّى التنافس بين الدول الكبرى فى معركة جندى المستقبل بعد ظهور النانو تكنولوجى فى هذه الساحة حدًّا جعل معهد التكنولوجيا رقم واحد فى العالم وهو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يؤسس قسما جديدا بمسمى معهد نانو تكنولوجى الجندى يعمل به عشرات الأساتذة وأكثر من مئة باحث.
توازن طاقة وحرارة
تعمل الدرجة الثانية على المحافظة على الطاقة المركزية للفرد، لأن الأحوال الجوية الصعبة والمتغيرة تمثل تحديًا لطاقة الجندى وتحمله فى الميدان. ويتم ضبط حرارة الجسم بوسائل بسيطة تعمل بالتفاعل مع فيزياء الجسم مثل الشريط الذى يُلفّ حول المعصم ويحتوى على مادة قادرة على الاحتفاظ بالحرارة المنخفضة، ومن خلال الدورة الدموية التى تمر عبر شرايين اليد يتم تبريد الدم أو الحفاظ على درجته، ومن ثم يبرد كل الجسم، كما تستخدم أدوات حديثة توفر مصدرا كهربائيا للتدفئة أو التبريد عبر أنابيب رقيقة تبطّن بدلة الجندى وتعمل هذه الوسيلة بالطاقة الشمسية أو طاقة الهيدروجين السائل الذى لا يزيد وزنه على ٣٠٠ جرام تولدّ طاقة تكفى الجندى لمدة ٦ أيام.
الحماية
فى الدرجة الأولى من زى الجندى تجرى الآن تجارب لاستخدام مادة جديدة تتكون من خليط من البولى إثيلين والجيليكول، وهى مواد بتروكيماوية متوفرة ورخيصة يحدث، عند خلطها بمواد أخرى ونسب محددة فى ظروف خاصة، أن تتحول إلى مادة شديدة الصلابة عندما تتعرض لطاقة صدمة قوية تشبه تلك الناتجة عن اختراق رصاصة أو شظية، أى تصبح درعا واقية فائقة القدرة، ولهذه المادة خاصية العودة إلى طبيعتها الأصلية المرنة بمجرد امتصاص الطاقة الناتجة عن الصدمة وبذات السرعة التى تحولت بها والتى تقدر بأقل من الجزء من الألف من الثانية، وتخطط الجهة البحثية، بناء على رغبة العسكريين، لتطوير هذا المكون ليكون أكثر فاعلية وسهل الاستعمال، وذلك بتبطين أفرول الجندى بهذا المكون، كى يصبح بدلة كاملة الحماية.
الإصابات الحرجة
هذه هى الدرجة الثالثة من مستويات العناية بالجندى، وهى مخصصة لقياس أوضاعه الصحية والنفسية وتتكون منظومتها من مجسات صغيرة الحجم تُزرع داخل جسم الجندى أو تلصق عليه من الخارج، ترسل إشارات إلى مركز طبى يقوم بتجميع البيانات الحيوية لوظائف الجسم الرئيسية كالحرارة ومعدل نبضات القلب وضغط الدم ومستويات الضغط النفسى وحالة الإرهاق والحاجة إلى النوم وغيرها، حيث يستفيد قائد الوحدة من هذه المعلومات للوقوف على مقدرة جنوده على القيام بالمهام المكلفين بها، وتتيح سحب الجنود ذوى الأوضاع الصحية غير الملائمة لضرورات القتال، وكما تفيد هذه المعلومات فى أثناء الحرب فإنها تفيد كذلك للغاية فى مراحل التدريب المختلفة، إذ تساعد على قياس الأوضاع الصحية والنفسية للجنود بصورة واقعية، مما يساعد على علاجها والاختيار السليم للأفراد فى المهام ذات الطبيعة الخاصة، كما سوف تزود بدلة الجندى بأدوية معينة للتدخل السريع فى الإصابات الحرجة.